بحصولها على المتنفّس المناسب فالفرصة مؤاتية كي تستعيد الأحاسيس توازنها ، ممّا يفتح آفاقاً جديدة للحركة والفاعليّة والإبداع ، بخلاف الكبت والاختناق والاحتباس التي تنذر بانفجار وعاصفة من الأفعال غير المتوازنة بما يشبه إلى حدٍّ كبير مياه السيول التي تقتلع كلّ شيء يعترض تقدّمها ، أو المواد الشديدة الانفجار التي لا تميّز بين هذا وذاك لمّا تنفجر ، وهكذا البراكين والزلازل التي تحرق وتدمّر مساحات شاسعة بأدنى زمن ممكن.
إنّ الغضب وليد المعاناة بمختلف عناصرها وأجزائها وموادها ، وكيف نعالج الغضب دون النظر والخوض في أسبابه ودواعيه ، وإنّنا إذ نعلم أنّ الوقاية خيرٌ من العلاج ، فإنّ غالب الاُمور تسقط في دائرة العلاج عندنا ; ذلك لضعف مناهجنا وركاكة أنساقنا ومحدوديّة آلياتنا ، ولا ريب أنّ المناهج والأنساق والآليّات التي فشلت في خلق فضاءات الوقاية فإنّها عاجزة عن العلاج كذلك ، فلا مناص من المراجعة والاستقراء والحفر والتحليل والمقارنة والاستنطاق ... للخروج من مأزق «مطلقيّة الأفهام» إلى أجواء الاعتراف «بنسبيّة الأفهام» وهذا ما يمكّننا من خلق أو استعادة الفاعليّة والإبداع من جديد ، بمعنى : أنّنا نغيّر ما بأنفسنا وما يحيط بنا تلبيةً للحاجة الملحّة ، نغيّر انطلاقاً من قانون (تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِين بِإِذْنِ رَبِّهَا) آنذاك نخرج من عباءة التقليد والتبعيّة العمياء ، نخرج من التوقّف على الأفهام النسبيّة التي أكل الدهر عليها وشرب ، نخرج إلى حيث نغترف من نمير الاُصول ، فتنمو أفهامٌ ومعاني جديدة تتجاوز عقبة المكان