تلك المقوّمات المذكورة من الصفات والشروط.
ولا يمكن إهمال الترابط العميق والآصرة الشديدة بين الشرك بالله عزّوجلّ وبين الأنا والفردانيّة ; فالأنا والفردانيّة تفتحان الاُفق الأوسع وتوطّئ المقدّمات الأساسيّة للشرك ، وذلك من خلال انتحال صفات ومزايا وخصائص هي في الأصل منحصرة بذات الباري أو بأنبيائه وأوليائه الخاصّين ، ممّا يسحب الآخرين إلى جعله مقصداً وموضع طلب الحاجات ، فيتّخذونه مرجعاً ومصدراً لقضائها ـ ولاسيّما الدنيويّة ـ في بادئ الأمر ، ثم تنمو الحالة وتستشري بجعله مصدراً لسائر القضايا والمسائل ، فإنّه إذن قاضي الحاجات ، ذوالعقائد والأفكار الصحيحة ، بل فيه من المزايا ما هي مفقودة في غيره ، الخطأ معدوم في قاموس ممارساته وأفعال ورؤاه!! تنمو الحالة أكثر فيصبح صنماً يُعبَد بوعي أو بلا وعي.
حينما تتحوّل الصنميّة والشرك بالله تعالى إلى ثقافة فإنّها بمرور الزمن تصبح عادة وممارسة طبيعيّة ; لكثرة استعمالها في الاُسرة ومحلّ العمل وسائر خلايا المجتمع ، وكثرة الاستعمال تنقل الشيء من معناه المجازي والافتراضي والهامشي إلى حقيقة ، وهذا ما يكشف عنه التحليل الواقعي لأفعال وممارسات الإنسان وردود فعله ومقاصده ومراميه وأهدافه ، فإنّها على الأعمّ الغالب تحمل معها آثاراً لها معنى ومفهوم الشرك والصنميّة.