ويجمد وهو الحركة الدائمة والتغيّر المستمر والتقلّب المثير ، ولولا هذا التغيّر الجاري لَمَا كان للعقل العملي والأخلاق معنىً أو موضوع.
نعم ، وُلِدَ الإنسان وولد معه الطموح والرغبة والحزن والألم والغضب والفرح ... ولكلٍّ منها موطّئات ودواعي وأسباب ، إنّه يروم الغاية وبلوغ المراد ، وهذا ما يكلّفه الكثير ، وقلّما نجده بالغاً أهدافه بلا تجاوز على قوانين ومقرّرات العقل الثاني ، فهو يبذل قصارى الجهد والسعي للوصول إليها ، ولعلّ أشدّ ما يواجهه في رحلته نحو المطلوب ـ إذا كان مطلوباً نوعيّاً يصعب التفريط به والإغماض عنه ـ حضور الرقيب والمنافس والمزاحم العِدْل ، بل الإحساس بوجوده وتصوّره وافتراضه كاف في ترتيب الآثار المتعلّقة به ، وهناتبرز الحاجة إلى إرساء الفضاء السلطوي المنشود بسلسلة إجراءات وخطوات تنتهي بإسقاط العِدْل وإزاحته عن جادّة الوصول بالتزامن مع إيجاد وصنع البدائل التي تجيد لعبة الولاء وتفهم معنى الطاعة ، وهي بلا شكّ عناصر وأدوات وآليات لا ترقى لرتبة العِدْل بأيّ حال من الأحوال ، إنّما وجودها يعني تعبيد الدرب وتسهيل السبيل كي يبلغ «المصارع» المقصد. ومن نتائج بلوغ المقصد : حذف المعارض وإسكات المخالف ونفي الآراء المؤثّرة من خلال ممارسة ألوان الضغط واستخدام شتّى الأدوات المشروعة وغير المشروعة.
وهنا يكون العقل العملي وتكون العدالة والتقوى والإيمان والحسن والقبح والظلم والكذب وسائر النظائر على المحكّ الحقيقي ، وكيف لنا تصوّر افتراض الالتزام بقيم ومبادئ العقل العملي على ضوء ما قرّرناه من