فكيف يمكننا القول بأنّ الشافعي هو الذي أسّس ووضع قواعد : دلالة الأمر على الوجوب والنهي على الحرمة ، والتحسين والتقبيح العقليين ، والعمل بخبر الثقة ، وحجّية الاستصحاب؟ هذه المسألة عينها يمكن أن تلحظ في نسبة وضع المنطق إلى أرسطو.
ولو كان المقصود من تأسيس علم الاُصول الكشف والتوضيح والتطبيق للقواعد الاُصولية في استنباط الأحكام فإنّ نسبته إلى الشافعي إن صحّ في قسم من القواعد الاُصولية فنحن على يقين بعدم صحّته في جميعها ; إذ من الواضح أنّ باب الاجتهاد والتمسّك بالقواعد الاُصولية للاستنباط كان مفتوحاً منذ صدر الإسلام وخاصّة بعد وفاة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) ، فالصحابة والتابعون والفقهاء دأبوا في استنباطهم على الاستناد إلى هذه القواعد ...
في رأينا أنّ الشافعي لم يكن مؤسّس علم الاُصول ـ كما تقدّم ـ ولم يصنّف فيه تصنيفاً كاملاً ، كما اعترف أبو زهرة نفسه بذلك ، بل أضاف لما جاء به الآخرون ... إضافةً الى ذلك : فإنّ هذا الكتاب شأنه شأن الكتب التي ذكرها السيد حسن الصدر عن أمالي الإمامين ، من أمالي الشافعي وليس من تأليفه ... إنّ رسالة الشافعي لم تطرح مسائل الاُصول بشكلها المجرّد كما شاع ذلك في العصور التالية ، بل إنّها طرحت هذه المسائل من خلال الكتاب والسنّة ... إضافةً الى ذلك : فإنّ علم الاُصول في هذا الكتاب ـ الرسالة ـ ليس بغالب على سائر العلوم الاُخرى فيه ، لذا فإنّا