فأين هي ياترى تلك التكاملية والاستقلالية المزعومة المنعوتة بها رسالة الشافعي؟!
بل إنّ الشيخ أبو زهرة نفسه قد اعترف بذلك في مقدّمة كتابه «محاضرات في اُصول الفقه الجعفري» إذ يصرّح : ولا نقول أنّ الشافعي قد أتى بالعلم كاملاً ، بل أضاف لما جاء به الآخرون وحقّق فيه على قدر ما يمتلكه من استعداد كبير ...
وبهذا الصدد يقول الدكتور محمد فتحي الدريني : من الخطأ الاعتقاد بأنّ الإمام الشافعي هو مؤسّس علم الاُصول ومبتكر قواعده ; لأ نّها كانت ـ كما قدّمنا ـ مبثوثة في فقه الصحابة والأئمّة قبله ، يقوم عليها ما يدلي به كلٌّ منهم من الحجج والأدلّة لتأييد وجهة نظره في فهمه للنصّ ، أو تطبيقه أو استنباطه للحكم الاجتهادي ، أو في معرض بيانه لوجه استدلاله بالدليل ، أو الردّ على مخالفيه ونقدهم (١).
يقول الدكتور أبو القاسم گرجي : لو كان المقصود من تأسيس علم الاُصول هو اختراعه وإيجاده ، فنحن لا نرى صحّة نسبة هذا الأمر لأيّ شخص كان ; إذ إنّنا علمنا أنّ علم الاُصول تلفيقٌ لمسائل ترتبط باللغة والأدب والعلوم العقلية وبناء العقلاء والشارع. من هنا فإنّ اختراع علم الاُصول يجب أن يُنسَب إلى أهل اللغة والعقل والشارع لا لأيّ شخص آخر.
__________________
١. المناهج الاُصولية : ٩.