التمحور ـ بعض الشيء ـ حول مرحلة الشهيد (قدس سره) ; لما لذلك من صلة وارتباط بما نحن فيه ، مسلّطين الضوء بشكل خاطف على جوانب من ملامحها واُطرها ، اللذين يمكن استخلاصهما من خلال استعراضنا لمختلف الظروف التي عايشها رضوان الله تعالى عليه ـ أخذاً وعطاءً ـ منذ النشأة وحتى الشهادة.
لذا فنحن نستلّ من تلك المراحل الثمان مرحلة الشهيد (قدس سره) ، فنخوض غمارها بنوع من التوسّع الذي يناسب المقام ، فنقول :
استطاع الفقه الشيعي في المرحلة الثالثة أن يشكّل بناءً خاصّاً ويشيّد برنامجاً مستقلاًّ عن دور ومرحلة الحديث.
والملاحظ على المتون الفقهية التي صنّفت في تلك الفترة اتّصافها بالحالة الفقهية التقليدية التي كانت سائدة حينذاك ، تلك الحالة التي استلهم منها شيخ الطائفة تشييد اُسلوبه ومنهجيته في صياغة كتابه «النهاية» ، إلاّ أنّه (قدس سره) وبتدوينه «المبسوط» و «الخلاف» قد خلق نوعاً من التغيير والتحوّل في محتوى ومضمون المتن الفقهي الشيعي ، حيث سلك فيهما مسلك الاُسلوب السنّي الحاكم آنذاك ، فلا نجازف إن قلنا : إن هيكلية هذا الفقه قد اضطربت بذلك ، وأضحت خليطاً من نظامين متفاوتين.
ولعلّ هذا كان منشأ التوهّم القائل بنسبة الشيخ (رحمه الله) إلى مذهب الشافعية.
ولقد توغّل هذا المنهج في عمق الواقع الثقافي والفكري الشيعي