ولا يرسل إلّا عن ثقة ، فيكون مراسيله حجّة ، وهذا معقول في الجملة ، وقد نسب قبوله إلى جمع كالعلّامة في النهاية والشّهيد في الذكرى والبهائي في الزبدة وغيرهم.
وقيل : إنّ الشّافعية أيضا يقبلون مراسيل سعيد بن المسيب.
بل سيأتي في البحث الثامن والثلاثين من الشّيخ الطوسي قدّس سره دعواه إجماع الطائفة على أنّه ـ أي : ابن أبي عمير ـ وصفوان والبزنطي وجماعة آخرين ، لا يروون ولا يرسلون إلّا عمّن يوثق به.
والمناقشة فيه باحتمال ثبوت الجارح ضعيفة بأصالة عدمه.
أقول :
قد مرّ ما يتعلق بهذه المسألة في البحث الحادي عشر وضعّفنا الإجماع المذكور والمدعى أيضا مخدوش بما قد ثبت من روايتهم عن الضعفاء.
فإنّ قلت :
ظاهر الشّيخ أنّه يستند معرفة عدم رواية هؤلآء عن غير الثّقة إلى الطائفة ، ومعرفة الطائفة حجّة سواء كانت عن حسّ ، أو عن حدس للاطمئنان بعدم اشتباه جميعهم في ذلك ، فتكون مرسلاتهم معتبرة حتّى إذا تعارضت بجرح جارح فإنّ توثيق الطائفة مقدّم على جرح واحد منهم.
قلت :
نمنع ذلك الظهور وإلّا لتعرّض له غير الشّيخ عادة فهو اجتهاد منه ، بل قيل إنّ الشّيخ نفسه خالف هذا الاجتهاد. (١)
ثمّ إنّ صاحب معجم الثقات بعد متابعة الشّيخ في قوله هذا تتبّع الكتب الأربعة وغيرها ، واستخرج أسماء من روي عنهم هؤلآء الثّلاثة ، ولم يرد فيهم التّوثيق بالخصوص ، فأنّهاها إلى ثلاثمائة وواحد وستين اسما (٢) ، ولاحظ خاتمة المستدك أيضا.
وهذه ثمرة مهمّة جدّا.
__________________
(١) التهذيب : ٨ / ٢٥٦ ؛ الاستبصار : ٤ / ٤٦ ، المطبوع جديدا. نعم ، قيل : إنّه ربّما يذكر في التهذيبين خلاف مبناه ؛ لأنّ غرضه فيهما هو الجمع بين المتعارضات.
أقول : هذا صحيح في الجملة ولكن لا دائما ، على أنّ دأبه على ذلك إنّما هو بالجمع الدلالي دون النقاش في السند ، كما صرّح به في أوائل تهذيبه والحقّ أنّ الاعتراض المذكور يضعف بتأخّر تأليف العدّة عن التهذيب فما في العدة ، كأنّه عدول عما في التهذيب.
(٢) انظر : المصدر من صفحة : ١٥٣ ـ ١٩٧.