كما طلبت ، قال : وجئته إلى المسجد بأقداح مملوءة من أصناف الأسوقة والأشربة ، مكبوسة بالبرد ، قال : فأقبل يسقي ذلك من يقرب منه من الصوفية ، والمجاورين في المسجد الحرام والضعفاء ، ويستزيد ، ونحن نأتيه بما عندنا من ذلك ، وأقول له : أشرب ، فيقول حتى يشرب الناس ، فخبأت مقدار خمسة أرطال ، وقلت له : لم يبق شيء ، فقال : الحمد لله ، ليتني كنت تمنيت المغفرة بدلا من تمني الثلج فلعلي كنت أجاب ، فلما دخل البيت حلفت عليه أن يشرب منه وما زلت أداريه حتى شرب منه بقليل سويق ، وتقوّقت ليلته بباقيه.
أخبرني محمّد بن أحمد بن يعقوب ، أخبرنا محمّد بن نعيم ، حدثني أحمد بن يزيد الطوسي قال : سمعت الحسين بن الحسن بن أيّوب يقول : دخل شاعر على عليّ ابن عيسى الوزير بعد أن ردت الوزارة إليه فأنشأ يقول :
بحسبك أني لا أرى لك عائبا |
|
سوى حاسد ، والحاسدون كثير |
وأنك مثل الغيث ، أما سحابه |
|
فمزن ، وأما ماؤه فطهور |
أخبرنا القاضي أبو العلاء محمّد بن عليّ الواسطيّ قال : أنشدنا القاضي أبو عبد الله بن أبي جعفر قال : أنشدني أبي أنشدني الوزير أبو الحسن عليّ بن عيسى لنفسه :
فمن كان عني سائلا بشماتة |
|
لما نابني ، أو شامتا غير سائل |
فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة |
|
صبورا على أهوال تلك الزلازل |
حدّثنا الحسن بن عليّ الجوهريّ ، حدّثنا عيسى بن عليّ بن عيسى الوزير قال : حضر أبو الحسين عمر بن أبي عمر القاضي ، فرأى أبي عليه ثوبا فاستحسنه ، فأدخل يده فيه يستشفه ، وقال : بكم اشترى القاضي هذا الثوب؟ فقال بسبعين دينارا ، فقال أبي : لكني لم ألبس ثوبا قط يزيد ثمنه على ما بين ستة دنانير إلى سبعة. فقال أبو الحسين : ذاك لأن الوزير يجمل الثياب ، ونحن نتجمل بلبس الثياب.
أخبرني الأزهري قال : قال لي أبو الحسن محمّد بن أحمد بن رزقويه قال لي ابن كامل القاضي : سمعت عليّ بن عيسى الوزير يقول : كسبت سبعمائة ألف دينار ، أخرجت منها في هذه الوجوه ـ يعني وجوه البر ـ ستمائة ألف وثمانين ألفا.
أخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، حدّثنا ابن قانع : أن عليّ بن عيسى الوزير مات في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة.