عمرو يسكن البصرة وجالس الحسن البصريّ وحفظ عنه ، واشتهر بصحبته ، ثم أزاله واصل بن عطاء عن مذهب أهل السنة. فقال بالقدر ، ودعا إليه واعتزل أصحاب الحسن ، وكان له سمت (٢) وإظهار زهد ، ويقال إنه قدم بغداد على أبي جعفر المنصور ، وقيل إنه اجتمع مع المنصور بغير بغداد ، والله أعلم ، إلا أنا نذكره على ما روى لنا في ذلك.
أخبرنا ابن الفضل ، أخبرنا عبد الله بن جعفر ، حدّثنا يعقوب بن سفيان قال : وعبيد أبو عمرو كان نسّاجا ، ثم تحول شرطيّا للحجاج ، وهو من سبى سجستان.
أخبرني القاضي أبو عبد الله الحسين بن عليّ الصيمري ، حدّثنا محمّد بن عمران ابن موسى الكاتب ، أخبرني عليّ بن هارون ، أخبرني عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر عن أبيه عن عقبة بن هارون قال : دخل عمرو بن عبيد على أبي جعفر المنصور ـ وعنده المهديّ بعد أن بايع له ببغداد ـ فقال : يا أبا عثمان عظني. فقال : إن هذا الأمر الذي أصبح في يدك لو بقي في يد غيرك ممن كان قبلك لم يصل إليك ، فأحذرك ليلة تمخض بيوم لا ليلة بعده ، وأنشد :
يا أيهذا الذي قد غره الأمل |
|
ودون ما يأمل التنغيص والأجل |
ألا ترى أنما الدنيا وزينتها |
|
كمنزل الركب حلوا ثمت ارتحلوا |
حتوفها رصد ، وعيشها نكد |
|
وصفوها كدر ، وملكها دول |
تظل تفزع بالروعات ساكنها |
|
فما يسوغ له لين ولا جذل |
كأنه للمنايا والردى غرض |
|
تظل فيه بنات الدهر تنتضل |
تديره ـ ما أدارته ـ دوائرها |
|
منها المصيب ومنها المخطئ الزلل |
والنفس هاربة والموت يرصدها |
|
فكل عثرة رجل عندها جلل |
والمرء يسعى بما يسعى لوارثه |
|
والقبر وارث ما يسعى له الرجل |
قال : فبكى المنصور.
وأخبرني الصيمري وعليّ بن أيّوب القمي قال الصيمري : حدّثنا وقال الآخر : أخبرنا أبو عبد الله المرزباني ، أخبرنا محمّد بن الحسن بن دريد ، حدّثنا أبو عليّ عسل ابن ذكوان العسكري ـ بعسكر مكرم ـ قال : حدثني بعض أهل الأدب عن صالح بن سليمان عن الفضل بن يعقوب بن عبد الرّحمن بن عياش بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب.
__________________
(٢) في المطبوعة : «وكان له سمعة».