بمكة ـ حدّثنا عليّ بن محمّد بن حاتم قال : سمعت الجنيد بن محمّد يقول : وافى أبو حفص النّيسابوريّ إلى بغداد ومعه جماعة من أصحابه فرأيت واحدا منهم معتزلا لا يكلمونه ولا يكلمهم ، فسألت بعض أصحابه فقلت : ما بال هذا لا يكلمكم ولا تكلمونه؟ فقال : هذا جاء إلى الشيخ أبي حفص ومعه مائة ألف درهم ، أنفق كلها عليه ما كلمه منا أحد ، ولا كلمه أبو حفص ، ولا يقدر أن يدنو إلى واحد منا على ما ترى.
أخبرنا أبو عبيد محمّد بن محمّد بن عليّ النّيسابوريّ قال : سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول : سمعت أبا عثمان سعيد بن إسماعيل الواعظ الرّازي يقول : دخلت مع أبي حفص على مريض ، فقال المريض : آه ، فقال : ممن؟ فسكت ، فقال : مع من.
أخبرنا ابن التوزي ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت أبا أحمد بن عيسى يقول : سمعت محفوظ بن محمود يقول : سمعت أبا حفص يقول : الكرم طرح الدنيا لمن يحتاج إليها ، والإقبال على الله لاحتياجك إليه.
أخبرني أبو الحسن بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن الحسين النّيسابوريّ قال : سمعت منصور بن عبد الله يقول : بلغني أن أبا حفص كان أعجمي اللسان ، فلما دخل بغداد قعد معهم يكلمهم بالعربية.
حدّثنا الأزجي ، حدّثنا عليّ بن عبد الله الهمدانيّ ، حدّثنا الخلدي قال : سمعت الجنيد ـ وذكر عنده أبو لحفص النّيسابوريّ ـ فقال : كان رجلا من أهل الحقائق ، ولو رأيته لاستغنيت ، وقد كان يتكلم من غور بعيد. ثم قال : كان من أهل العلم البالغين ، وأهل خراسان شيوخهم ، أحوالهم وأمورهم وحقائقهم بالغة جدّا. وكذلك أتباعهم أيضا أشباه لهم في الحال. ولقد قال له يوما رجل من أصحابه : كان من مضى لهم الآيات الظاهرة ، وليس لك من ذلك شيء! فقال له : تعال. فجاء به إلى سوق الحدادين إلى كور محمي عظيم ، فيه حديدة عظيمة ، فأدخل يده فأخذها فبردت في يده ، فقال له : يجزيك؟ قال : فأعظم ذلك وأكبره ، ثم مضى.
أخبرني أبو الحسن بن عبد الواحد ، أخبرنا محمّد بن الحسين السلمي قال : سمعت عبد الله بن عليّ يقول : سمعت أبا عمرو بن علوان ـ وسألته : هل رأيت أبا حفص النّيسابوريّ عند الجنيد؟ ـ فقال : لم أكن ثم ، ولكن سمعت الحسن يقول : أقام عندي أبو حفص سنة مع ثمانية أنفس ، فكنت في كل يوم أقدم لهم طعاما جديدا ،