هذا نصف درهم ، اشتر بدانقين خبزا ، وبدانق تمرا ، فمضيت فاشتريت به ثم جئت إليه ، فوضعته بين يدي الشيخ ، فأكل الشيخ وخالي وأكلت معهما ، ثم قال الشيخ لخالي تأمر بشيء؟ فسلم خالي عليه وخرج معه إلى باب الدار ، فلما مضى الشيخ قلت لخالي ، من هذا الشيخ؟ فقال أولا تعرفه؟ هذا فتح الموصلي ، الحقه فاسأله أن يدعو لك.
أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان بن أحمد ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، حدّثنا العبّاس بن يوسف الشكلي ، أبو جعفر البزّاز ، حدثني أبو حفص ابن أخت بشر بن الحارث قال : كنت يوما واقفا ببابنا إذا أقبل شيخ ثائر الشعر ملتف بالعباء ، فقال لي : بشر في البيت؟ قلت نعم! قال ادخل فقل فتح بالباب ، فدخلت فقلت يا خالي شيخ في عباء قال لي قل لبشر : فتح بالباب ، قال فخرج مسرعا فصافحه واعتنقه ، فقال له الشيخ يا أبا نصر إني ذكرتك البارحة واشتقت إلى لقائك. قال فدفع إلى درهما فقال خذ بأربعة دوانيق خبزا ـ ويكون جيدا ـ وبدانقين تمرا ، فقال الشيخ قل له يكون سهريزا ، فجئته به فقال الشيخ قل له يأكل معنا ، فقال : كل معنا ، فأكلت معهم ، فلما أكلنا أخذ ما فضل في طرف العباء ومضى ، فخرج خالي معه يشيعه إلى باب حرب ، فلما رجع قال لي يا بني تدري من هذا؟ قلت : لا ، قال : هذا فتح الموصلي.
أخبرنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، أخبرنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : فتح الموصلي كان من كبار مشايخ الموصل ، وكان يحضر بغداد لزيارة بشر الحافي ، وكان فتح ورد عليه مرة زائرا ، فأكل عنده وأخذ باقي الطعام ، فقال بشر لمن حضر : تدرون لم حمل باقي الطعام؟ قالوا [لا] (٢) قال : أراكم أنه إذا صح التوكل لا يضر الحمل.
أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدثني أبي ، حدّثنا العبّاس بن العبّاس بن المغيرة الجوهريّ ، حدثني عمي القاسم ، حدثني أبو بكر بن عفّان قال : سمعت بشر بن الحارث يقول : بلغني أن ابنة لفتح الموصلي عريت ، فقيل له : ألا تطلب من يكسوها؟ قال لا ، أدعها حتى يرى الله عريها وصبري عليها ، قال : وكان إذا كان ليالي الشتاء جمع عياله وقال بكسائه عليهم؟ ثم يقول اللهم أفقرتني وأفقرت عيالي ، وجوعتني وجوعت عيالي ، وأعريتني وأعريت عيالي ، بأي وسيلة توسلتها إليك ، وإنما تفعل هذا بأوليائك وأحبابك فهل أنا منهم حتى أفرح؟
__________________
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.