على أن هذا إخبار بأمر مستقبل ، فأما على جعل ضمير (يَنْظُرُونَ) مقصودا به المنافقون من المشركين أو اليهود بأن يكون الكلام تهكما أي ما ذا ينتظرون في التباطؤ عن الدخول في الإسلام ، ما ينتظرون إلّا أن يأتيهم الله في أحوال اعتقدوها فيكلمهم ليدخلوا في الدين ، فإنهم قالوا لموسى : (لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً) [البقرة : ٥٥] واعتقدوا أن الله في الغمام ، أو يكون المراد تعريضا بالمشركين ، وبعض التأويلات تقدمت مع تأويل الإتيان.
وقرأه الجمهور «والملائكة» بالرفع عطفا على اسم الجلالة ، وإسناد الإتيان إلى الملائكة لأنهم الذين يأتون بأمر الله أو عذابه وهم الموكل إليهم تنفيذ قضائه ، فإسناد الإتيان إليهم حقيقة فإن كان الإتيان المسند إلى الله تعالى مستعملا في معنى مجازي فهو مستعمل بالنسبة للملائكة في معناه الحقيقي فهو من استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه ، وإن كان إسناد الإتيان إلى الله تعالى مجازا في الإسناد فإسناده إلى الملائكة بطريق العطف حقيقة في الإسناد ولا مانع من ذلك ؛ لأن المجاز الإسنادي عبارة عن قصد المتكلم مع القرينة ، قال حميد بن ثور يمدح عبد الملك :
أتاك بي الله الذي نوّر الهدى |
|
ونور وإسلام عليك دليل |
فأسند الإتيان به إلى الله وهو إسناد حقيقي ثم أسنده بالعطف للنور والإسلام ، وإسناد الإتيان به إليهما مجازي لأنهما سبب الإتيان به ألا ترى أنه قال «عليك دليل».
وقرأ أبو جعفر «والملائكة» بجر (الملائكة) عطف على (ظلل).
وقوله : (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) إما عطف على جملة (هَلْ يَنْظُرُونَ) إن كانت خبرا عن المخبر عنهم والفعل الماضي هنا مراد منه المستقبل ، ولكنه أتى فيه بالماضي تنبيها على تحقيق وقوعه أو قرب وقوعه ، والمعنى ما ينتظرون إلّا أن يأتيهم الله وسوف يقضى الأمر ، وإما عطف على جملة (يَنْظُرُونَ) إن كانت جملة (هَلْ يَنْظُرُونَ) وعيدا أو وعدا والفعل كذلك للاستقبال ، والمعنى ما يترقبون إلّا مجيء أمر الله وقضاء الأمر.
وإما جملة حالية والماضي على أصله وحذفت قد ، سواء كانت جملة (هَلْ يَنْظُرُونَ) خبرا أو وعدا ووعيدا أي وحينئذ قد قضي الأمر ، وإما تنبيه على أنهم إذا كانوا ينتظرون لتصديق محمد أن يأتيهم الله والملائكة فإن ذلك إن وقع يكون قد قضي الأمر أي حق عليهم الهلاك كقوله : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا