الذي يحصل عن نظر كالاجتهادات إذا بلغت مبلغ غلبة الظن بأن فيها خيرا للمسلمين ، ويحرم عليه بطريق القياس الذي تومئ إليه العلة أن يبث في الناس ما يوقعهم في أوهام بأن يلقنها وهو لا يحسن تنزيلها ولا تأويلها ، فقد قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حدثوا الناس بما يفهمون أتحبّون أن يكذّب الله ورسوله» وكذلك كل ما يعلم أن الناس لا يحسنون وضعه. وفي «صحيح البخاري» أن الحجّاج قال لأنس بن مالك حدثني بأشد عقوبة عاقبها النبي فذكر له أنس حديث العرنيين الذين قتلوا الراعي واستاقوا الذود فقطع النبيصلىاللهعليهوسلم أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة يستقون فلا يسقون حتى ماتوا ، فلما بلغ ذلك الحسن البصري قال وددت أنه لم يحدثه ، أو يتلقفون من ظاهره ما يوافق هواهم فيجعلونه معذرة لهم فيما يعاملون به الناس من الظلم ، قال ابن عرفة في «التفسير» : لا يحل للعالم أن يذكر للظالم تأويلا أو رخصة يتمادى منها إلى المفسدة كمن يذكر للظالم ما قال الغزالي في «الإحياء» من أن بيت المال إذا ضعف واضطر السلطان إلى ما يجهز به جيوش المسلمين لدفع الضرر عنهم فلا بأس أن يوظف على الناس العشر أو غيره لإقامة الجيش وسد الخلة ، قال ابن عرفة وذكر هذه المظلمة مما يحدث ضررا فادحا في الناس. وقد سأل سلطان قرطبة عبد الرحمن بن معاوية الداخل يحيى بن يحيى الليثي عن يوم أفطره في رمضان عامدا غلبته الشهوة على قربان بعض جواريه فيه فأفتاه بأنه يصوم ستين يوما والفقهاء حاضرون ما اجترءوا على مخالفة يحيى فلما خرجوا سألوه لم خصصته بأحد المخيرات فقال لو فتحنا له هذا الباب لوطئ كل يوم وأعتق أو أطعم فحملته على الأصعب لئلا يعود اه.
قلت فهو في كتمه عنه الكفارتين المخير فيهما قد أعمل دليل دفع مفسدة الجرأة على حرمة فريضة الصوم.
فالعالم إذا عين بشخصه لأن يبلغ علما أو يبين شرعا وجب عليه بيانه مثل الذين بعثهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لإبلاغ كتبه أو لدعوة قومهم ، وإن لم يكن معينا بشخصه فهو لا يخلو إما أن يكون ما يعلمه قد احتاجت الأمة إلى معرفته منه خاصة بحيث يتفرد بعلمه في صقع أو بلد حتى يتعذر على أناس طلب ذلك من غيره أو يتعسر بحيث إن لم يعلمها إياه ضلت مثل التوحيد وأصول الاعتقاد ، فهذا يجب عليه بيانه وجوبا متعينا عليه إن انفرد به في عصر أو بلد ، أو كان هو أتقن للعلم فقد روى الترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد أن رسول اللهصلىاللهعليهوسلم قال له : «إن الناس لكم تبع وإن رجالا يأتونكم يتفهمون أو يتعلمون فإذا