إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله».
فمن علم هذه الآيات وفهم معناها وجب عليه الاعتقاد بنبوة المذكورين فيها. ولعلّ كثيرا لا يقرءونها وكثيرا ممّن يقرءونها لا يفهمون مدلولاتها حقّ الفهم فلا يطالبون بتطلّب فهمها واعتقاد ما دلّت عليه إذ ليس ذلك من أصول الإيمان والإسلام ولكنّه من التّفقّه في الدّين.
قال القاضي عياض في فصل (سابع) من فصول الباب الثّالث من القسم الرّابع من كتاب «الشّفاء» «وهذا كلّه (أي ما ذكره من إلزام الكفر أو الجرم الموجب للعقوبة لمن جاء في حقّهم بما ينافي ما يجب لهم) فيمن تكلّم فيهم (أي الأنبياء أو الملائكة) بما قلناه على جملة الملائكة والنّبيئين (أي على مجموعهم لا على جميعهم ـ قاله الخفاجي ـ يريد بالجميع كلّ فرد فرد) ممّن حقّقنا كونه منهم ممّن نصّ الله عليه في كتابه أو حقّقنا علمه بالخبر المتواتر والإجماع القاطع والخبر المشتهر المتّفق عليه (الواو في هذا التّقسيم بمعنى أو). فأمّا من لم يثبت الإخبار بتعيينه ولا وقع الإجماع على كونه من الأنبياء كالخضر ، ولقمان ، وذي القرنين ، ومريم ، وآسية (امرأة فرعون) وخالد بن سنان المذكور أنّه نبيء أهل الرسّ ، فليس الحكم في سابّهم والكافر بهم كالحكم فيما قدّمناه» ا ه.
فإذا علمت هذا علمت أنّ ما وقع في أبيات ثلاثة نظمها البعض ، (ذكرها الشّيخ إبراهيم البيجوري في مبحث الإيمان من شرحه على «جوهرة التّوحيد» :
حتم على كلّ ذي التكليف معرفة |
|
بأنبياء على التفصيل قد علموا |
في «تلك حجّتنا» (١) منهم ثمانية |
|
من بعد عشر ويبقى سبعة وهم |
إدريس. هود. شعيب ، صالح وكذا |
|
ذو الكفل ، آدم ، بالمختار قد ختموا |
لا يستقيم إلّا بتكلّف ، لأنّ كون معرفة ذلك حتما يقتضي ظاهره الاصطلاحيّ أنّه واجب ، وهذا لا قائل به فإن أراد بالحتم الأمر الّذي لا ينبغي إهماله كان متأكّدا لقوله : على كلّ ذي التّكليف. فلو عوّضه بكلّ ذي التّعليم. ولعلّه أراد بالحتم أنّه يتحتّم على من علم ذلك عدم إنكار كون هؤلاء أنبياء بالتّعيين ، ولكن شاء بين وجوب معرفة شيء وبين منع إنكاره بعد أن يعرف.
__________________
(١) أراد الآية وَتِلْكَ حُجَّتُنا وهي بواو العطف فلو قال : وتلك حجتنا عدّت ثمانية منهم وعشرا إلخ.