فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ إن من علامات يوم القيامة تبدل النظام الكوني ، بتشقق السماء ، وتساقط الكواكب ، وتفجير البحار بعضها في بعضها ، حتى تصير بحرا واحدا ، ثم توقد حتى تصير نارا تضطرم ، وبعثرة القبور وإخراج موتاها منها.
٢ ـ إذا حدثت هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة ، حصل الحشر والنشر ، وختمت صحائف الأعمال ، فعلمت كل نفس ما كسبت ، ووجدت ما قدمت من خير أو شر ، وحوسبت كل نفس بما عملت ، وأوتيت كتابها بيمينها أو بشمالها ، فتذكرت عند قراءته جميع أعمالها ، ولم يعد ينفعها عمل بعد ذلك.
٣ ـ مسكين هذا الإنسان لا يشكر نعم ربّه بإطاعة أوامره ، ولا يدخر من العمل الصالح ما يفيده في سفينة النجاة في آخرته ، وغرّه كرم الله الذي تجاوز عنه في الدنيا ، أو حمقه وجهله ، أو شيطانه المسلط عليه. أخرج ابن أبي حاتم عن سفيان أن عمر سمع رجلا يقرأ : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ) فقال عمر : الجهل ، كما قال تعالى : (إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً) [الأحزاب ٣٣ / ٧٢]. وقيل للفضيل بن عياض : لو أقامك الله تعالى يوم القيامة بين يديه ، فقال لك : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ؟) ما ذا كنت تقول؟ قال : كنت أقول : غرّني ستورك المرخاة ؛ لأن الكريم هو الستّار.
٤ ـ نعم الله على الإنسان لا تعدّ ولا تحصى ، وأهمها ما يتعلق بنفسه ، حيث خلقه الله من نطفة ولم يك شيئا ، وجعله سليم الأعضاء ، منتصب القامة ، متناسب الأعضاء ، مستعدا لقبول الكمالات ، بالسمع والبصر والعقل وغير ذلك ، وصوّره في أحسن الصور وأعجبها وأبدعها ، واختار له الهيئة الجميلة والشكل البديع ، كما قال تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين ٩٥ / ٤].