المفردات اللغوية :
(كَلَّا) ردع عن الاغترار بكرم الله تعالى ، فهي كلمة تفيد نفي شيء تقدم ، وتحقق غيره. (بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ بَلْ) : إضراب إلى بيان ما هو السبب الأصلي في اغترارهم. والمراد. (بِالدِّينِ) : الجزاء على الأعمال يوم القيامة. (لَحافِظِينَ) ملائكة حفظة لأعمالكم ، يحصون كل ما كان منها من خير أو شر. (كِراماً) عند الله ، ووصفهم بذلك لتعظيم الجزاء. (يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) يعلمون جميع الأفعال.
(الْأَبْرارَ) هم المؤمنون الصادقون في إيمانهم ، الذين يفعلون البرّ (الخير) ويتقون الله في كل أفعالهم ، جمع برّ. (نَعِيمٍ) جنّة. (الْفُجَّارَ) هم الكفار التاركون لما شرع الله لعباده ، جمع فاجر. (جَحِيمٍ) نار محرقة. (يَصْلَوْنَها) يدخلونها ويقاسون حرّها. (يَوْمَ الدِّينِ) يوم الجزاء. (وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ) أي لا يخرجون منها ، لخلودهم فيها.
(وَما أَدْراكَ) ما أعلمك وعرّفك ، وكرر الجملة لتفخيم شأن اليوم وتعظيم هوله ، بحيث لا يدركه إنسان. (لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) من المنفعة. (وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) أي لا أمر لغيره فيه ، فلا يمكّن أحد من التوسط فيه. والمقصود بالآية تقرير شدة هول ذلك اليوم ، وتفخيم أمره إجمالا.
المناسبة :
بعد بيان أمارات الساعة الدالة على صحة القول بالبعث والنشور ، وبعد تعداد نعم الله على الإنسان ، وجحوده إياها ، ذكر الله تعالى علة هذا الجحود وهو التكذيب بالبعث ، ثم رغب بالطاعة ، وحذر من المعصية بسبب كتابة الحفظة جميع الأعمال ، ثم أوضح أن الناس يوم القيامة فريقان : أبرار منعمون ، وفجار معذبون مخلّدون في النار ، وأن يوم القيامة ذو شدائد وأهوال ، تتجرد فيه النفوس من قواها ، ويتفرد الله عزوجل بالحكم والسلطان.
التفسير والبيان :
(كَلَّا ، بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) أي ارتدعوا وانزجروا عن الاغترار بكرم الله وجعله ذريعة إلى الكفر به ، والواقع أنكم تكذبون بيوم المعاد والحساب