والتعاون والحفاظ على النوع البشري ، كما قال تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها ، وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم ٣٠ / ٢١].
٤ ـ ٥ ـ (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً ، وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً) أي وجعلنا نومكم راحة لأبدانكم وقطعا للحركة ولأعمالكم المتعبة في النهار ، فبالنوم تتجدد القوى ، وينشط العقل والجسم ، والسبات : أن ينقطع عن الحركة ، والروح في بدنه. وجعلنا الليل سكنا وكاللباس الذي يغطي بظلامه الأشياء والأجسام ، فكما أن اللباس يغطي الجسد ويقيه من الحر والبرد ، ويستر العورات ، كذلك الليل يستتر فيه من أراد الاختفاء لقضاء مصالح وتحقيق فوائد لا تتيسر في النهار ، كالاستتار من العدو وقضاء بعض الحوائج.
٦ ـ (وَجَعَلْنَا النَّهارَ مَعاشاً) أي وجعلنا وقت النهار مشرقا مضيئا ليتمكن الناس من تحصيل أسباب المعايش والتكسب والتجارة والزراعة والصناعة ونحو ذلك من موارد الرزق.
٧ ـ ٨ ـ (وَبَنَيْنا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِداداً ، وَجَعَلْنا سِراجاً وَهَّاجاً) أي وبنينا فوقكم سبع سموات قوية الخلق ، محكمة البناء ، متقنة الصنع ، مزينة بالكواكب الثوابت والسيارات ، وجعلنا الشمس سراجا منيرا على جميع العالم ، يستضاء به ، ويستنار بنوره ، ويشع بحرارته ، فإن الوهج يجمع النور والحرارة ، وبهما تستفيد جميع الكائنات الحية.
٩ ـ (وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً ، لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَباتاً ، وَجَنَّاتٍ أَلْفافاً) أي وأنزلنا من السحب والغيوم التي تنعصر بالماء ولم تمطر بعد مطرا منصبا بكثرة ، كثير السيلان ، لنخرج بذلك الماء الكثير الطيب النافع حبا يقتات به الناس ، كالحبوب المختلفة من قمح وشعير وذرة وأرز ، ونباتا تأكله