يتبين أن كتاب الأبرار ضد كتاب الفجار بجميع معانيه ، فيقبل العاقل على مقوّمات الأولين ، ويبتعد عن محاكاة الآخرين.
التفسير والبيان :
(كَلَّا ، إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) أي حقا ، إن كتاب الأبرار وهم المؤمنون المخلصون العاملون المطيعون مرصود في كتاب بيّن مسطور ، أو في أعالي الجنة ، ومصيرهم إلى الجنة ، وهم بخلاف الفجار ، وهو بخلاف سجين.
(وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ؟ كِتابٌ مَرْقُومٌ ، يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) أي وما أعلمك يا محمد أي شيء هو عليون؟ ويراد بذلك تفخيم أمره وتعظيم شأنه ، إنه كتاب مسطور ، سطرت فيه أسماؤهم وأعمالهم ، وهو السجل الكبير ، الذي تحضره الملائكة وتحفظه ويرونه كما يحفظ اللوح المحفوظ ، أو يشهدون بما فيه يوم القيامة.
ثم أبان الله تعالى حالهم فقال :
(إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرائِكِ يَنْظُرُونَ) أي إن أهل الطاعة لفي تنعم عظيم يوم القيامة ، وفي جنات الخلود ، على الأسرّة التي في الحجال (ذات القبب الساترة) ينظرون إلى ما أعده الله لهم من أنواع النعيم في الجنة ، وإلى ما لهم من الكرامات المادية والمعنوية ، أما الماديات فهي مختلف أنواع الأطعمة الشهية والأشربة الهنية والحور العين والمراكب الفارهة والمساكن الفخمة ، وأما المعنويات فأنساهم بالله ورؤيتهم له ورضاه عنهم وشعورهم بالأمن والطمأنينة والسعادة الأبدية.
(تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) أي إذا رأيتهم عرفت آثار النعمة والترف والسرور والدعة في وجوههم ، التي تتلألأ بالنور والحسن والبياض ،