وفسّره بقوله : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) أي هو طارق عظيم الشأن ، رفيع القدر ، وهو الذي يضيء ظلمة الليل ، ويهتدي به في ظلمات البر والبحر ، وتعرف به أوقات الأمطار وغيرها من أحوال المعايش ، وهو الثريا عند الجمهور ، وقال الحسن وقتادة وغيرهما : هو عام في سائر النجوم ؛ لأن طلوعها بليل ، وكل من أتاك ليلا فهو طارق. والظاهر أن المراد جنس النجم الذي يهتدى به في ظلمات البر والبحر.
ويؤيد ذلك ما جاء في الحديث الصحيح : نهى النبي صلىاللهعليهوسلم أن يطرق الرجل أهله طروقا ، أي يأتيهم فجأة بالليل. وفي حديث آخر مشتمل على الدعاء : «أعوذ بك من شرّ طوارق الليل والنهار ، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن».
ثم ذكر الله تعالى المقسم عليه أو جواب القسم بقوله :
(إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ) أي قسما بالسماء وبالنجم الثاقب ، ما كل نفس إلا عليها من الله حافظ ، يحرسها من الآفات ، وهم الحفظة من الملائكة الذين يحفظون عليها عملها وقولها وفعلها ، ويحصون ما تكسب من خير وشرّ ، كما قال تعالى : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ ، يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) [الرعد ١٣ / ١١]. والحافظ على الحقيقة هو الله عزوجل ، وحفظ الملائكة : من حفظه ؛ لأنه بأمره.
ولم تبين الآية من هو الحافظ ، فقال بعض المفسرين : إن ذلك الحافظ هو الله تعالى ، وقال آخرون : إن ذلك الحافظ هم الملائكة ، كما قال : (وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً) [الأنعام ٦ / ٦١] ، وقال : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ ، كِراماً كاتِبِينَ) [الانفطار ٨٢ / ١٠ ـ ١١] ، وقال : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ، ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق ٥٠ / ١٧ ـ ١٨] ، وقال : (لَهُ مُعَقِّباتٌ ...) الآية المتقدمة. قال أبو أمامة : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «وكّل بالمؤمن