(إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ ، يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ) أي إن الله تعالى على رجع الإنسان ، أي إعادته بالبعث بعد الموت لقادر ؛ لأن من قدر على البداءة قدر على الإعادة ، وقد ذكر تعالى هذا الدليل في مواضع متعددة في القرآن الكريم. وقيل : إنه تعالى على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك. والراجح القول الأول بدليل قوله : (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ).
ويرجعه يوم القيامة يوم تختبر وتعرف السرائر ، أي ما يسرّ في القلوب من العقائد والنيات وغيرها. وحقيقة البلاء في حقه تعالى ترجع إلى الكشف والإظهار ، كقوله : (وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ) [محمد ٤٧ / ٣١].
وكيفية دلالة المبدأ على المعاد : أن حدوث الإنسان إنما كان بسبب اجتماع أجزاء كانت متفرقة في بدن الوالدين ، فلما قدر الصانع على جمع تلك الأجزاء المتفرقة حتى خلق منها إنسانا سويا ، فإنه بعد موته وتفرق أجزائه ، لا بدّ وأن يقدر على جمع تلك الأجزاء ، وجعلها خلقا سويا (١).
(فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ) أي فما للإنسان حين بعثه من قوة في نفسه يمتنع بها عن عذاب الله ، ولا ناصر ينصره ، فينقذه مما نزل به ، أي فلا قوة ذاتية له ، ولا قوة من غيره ، لينقذ نفسه من عذاب الله ، فهذا نفي للقوة الذاتية والقوة العرضية الخارجية عن الإنسان.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات الكريمات على ما يأتي :
١ ـ أقسم الله تعالى بالسماء وبالكواكب المنيرة المضيئة على أن لكل نفس حفظة يحفظون عليها رزقها وعملها وأجلها.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣١ / ١٣٠