إعادته ، لكونه عائدا مرة بعد أخرى ، ولأنه ينشأ من تبخر بحار الأرض ثم يعود إلى الأرض.
أخرج الترمذي والدارمي عن علي كرم الله وجهه قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إنها ستكون فتنة ، قلت : فما المخرج منها يا رسول الله؟ قال : كتاب الله تبارك وتعالى ، فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم ، هو الفصل ليس بالهزل ، من تركه من جبّار قصمه الله ، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله. وهو حبل الله المتين ، ونوره المبين ، وهو الذّكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ، ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ، ولا يشبع منه العلماء ، ولا يملّه الأتقياء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، هو الذي لم تنته الجن لمّا سمعته أن قالوا : (إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) [الجن ٧٢ / ١ ـ ٢] ، من علم علمه سبق ، ومن قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم».
ثم أوعد الله تعالى المكذبين بالقرآن الكائدين للمؤمنين بقوله :
(إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً ، وَأَكِيدُ كَيْداً) أي إن الكفار زعماء مكة وأمثالهم يدبرون المكائد للنبي صلىاللهعليهوسلم لإبطال ما جاء به من الدين الحق ، وللصد عن سبيل الله وعن القرآن ، بالقول بأن القرآن أساطير الأولين ، وبأن محمدا ساحر أو مجنون أو شاعر ، ويتآمرون على قتله ، كما أخبر تعالى بقوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) [الأنفال ٨ / ٣٠].
ولكني أدبر لهم تدبيرا آخر ، فأستدرجهم من حيث لا يعلمون ، وأجازيهم جزاء كيدهم. وقد سمى جزاء الكيد بالاستدراج والإمهال المؤدي إلى زيادة الإثم الموجبة لشدة العذاب كيدا.