وقدرته بما يشاهدونه من آثار القدرة من السماء العالية ، والأرض التي يسكنون فيها ، والإبل التي ينتفعون بها في نقل الأحمال والانتفاع بلحومها وأوبارها وألبانها ، والجبال الراسيات التي ترشد السالكين ، فيستدلون بذلك على قدرته تعالى على بعث الأجساد والمعاد وصحة عقيدة التوحيد.
ثم أمر نبيه صلىاللهعليهوسلم أن يذكّرهم بهذه الأدلة والبراهين وأمثالها ، لينظروا فيها ، وليصبر على معارضتهم ، فإنما بعث لذلك دون غيره.
التفسير والبيان :
يأمر الله تعالى عباده بالنظر في مخلوقاته الدالة على قدرته وعظمته ووجوده وتوحيده ، فيقول :
(أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ؟) أي كيف يصح للمشركين إنكار البعث والمعاد واستبعاد وقوع ذلك ، وهم يشاهدون الإبل التي هي غالب مواشيهم وأكبر المخلوقات في بيئتهم ، كيف خلقها الله على هذا النحو البديع ، من عظم الجثة ، ومزيد القوة ، وبديع الأوصاف ، فهي خلق عجيب ، وتركيب غريب ، ومع ذلك تلين للحمل الثقيل ، وتنقاد للولد الصغير ، وتؤكل ، وينتفع بوبرها ، ويشرب لبنها ، وتصبر على الجوع والعطش. وبدأ تعالى التنبيه بها ؛ لأن غالب دواب العرب كانت الإبل ، وأيضا مرافق الإبل أكثر من مرافق الحيوانات الأخر ؛ فهي مأكولة ، ولبنها مشروب ، وتصلح للحمل والركوب ، وقطع المسافات البعيدة عليها ، والصبر على العطش ، وقلة العلف ، وكثرة الحمل ، وهي معظم أموال العرب.
(وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) وألا يشاهدون السماء كيف رفعت فوق الأرض بلا عمد؟ كما قال تعالى : (أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ؟) [ق ٥٠ / ٦].