ابتلاء الإنسان بالتعب واغتراره بقوته وماله
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧))
الإعراب :
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ ..) أن مخففة من الثقيلة ، واسمها محذوف أي أنه.
البلاغة :
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) أي أقسم بهذا البلد ، وزيادة (لا) لتأكيد الكلام وتأكيد القسم ، تقول : لا والله ما قلت كذا ، أي والله. وهذا مستفيض في لغة العرب.
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) بينهما جناس اشتقاق ، فكل من الوالد والولد مشتق من الولاد.
(أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ) استفهام إنكاري للتوبيخ ، وكذا قوله : (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ).
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ ، وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ ، وَوالِدٍ وَما وَلَدَ ، لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) توافق الفواصل مراعاة لرؤوس الآيات.
المفردات اللغوية :
(لا أُقْسِمُ) أي أقسم. (بِهذَا الْبَلَدِ) مكة. (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ) أي وأنت يا محمد حلال وحالّ مقيم فيه ، أقسم سبحانه بالبلد الحرام ، وحال كون النبي صلىاللهعليهوسلم مقيم فيه ، إظهارا لمزيد فضله ، وإشعارا بأن شرف المكان بشرف أهله. وهذه الجملة وما بعدها اعتراض بين القسم والمقسم عليه وهو قوله بعدئذ : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ).
(وَوالِدٍ وَما وَلَدَ) أي وأقسم بكل والد كآدم أو إبراهيم وغيرهما ، وبكل مولود من أي شيء آخر ، والمراد : أن الله أقسم ببلد النبي صلىاللهعليهوسلم الذي هو مسقط رأسه ، وحرم أبيه إبراهيم ، ومنشأ أبيه