أصحاب اليمين والسعادة ومآلهم إلى الجنة ، وأصحاب الشمال والشقاوة ومآلهم إلى النار.
التفسير والبيان :
(أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ، وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ) أي ألم أمنحك أيها الإنسان الجاهل المغرور بقوتك ، المرائي بعملك بإنفاق المال طلبا للشهرة والسمعة ، أمنحك العينين اللتين تبصر بهما ، واللسان الذي تنطق به ، والشفتين اللتين تستر بهما ثغرك ، وتستعين بهما على الكلام وأكل الطعام ، وجمالا لوجهك وفمك ، والمراد أنني أنا الله الذي منحتك القدرة على البصر والنطق أو الكلام.
(وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) أي ألم نبين لك ونعرفك طريق الخير والشر ، فأودعنا في فطرتك السليمة أداة التمييز بينهما ، وجعلنا لك من العقل والفكر ما تستطيع به إدراك محاسن الخير ، ومفاسد الشر وأبعاد كل منهما. وعبّر عن هذين الطريقين بالنجدين : وهما الطريقان المرتفعان ، للدلالة على صعوبتهما وعورتهما ، واحتياجهما إلى مجاهدة النفس لعبورهما بشدة وسرعة.
لذا أردفه ببيان وجوب اختيار الأفضل وشكر تلك النعم ، فقال تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ، وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) أي فهلا نشط واخترق الموانع المانعة من طاعة الله ، من تسويل النفس واتباع الهوى والشيطان ، وهلا جاهد نفسه لاجتياز الطريق الصعب ، وأي شيء أعلمك ما اقتحام العقبة؟ استفهام للتفخيم والتعظيم.
ثم أرشد إلى طريق اقتحامها فقال :
(فَكُّ رَقَبَةٍ ، أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ، يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ ، أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) أي إن اقتحام العقبة ودخولها يكون بإعتاق الرقبة من العبودية ، وتخليصها من إسار الرق ، أو المعاونة عليه ، أو إطعام في يوم المجاعة الذي يعز