(أَفْلَحَ) فاز ونجا وأدرك المطلوب. (مَنْ زَكَّاها) طهرها من الذنوب ، وهذّبها ونمّاها بالعلم والعمل ، وهو جواب القسم. (خابَ) خسر. (دَسَّاها) أهمل تهذيبها ، والتدسية : النقص والإخفاء ، فمن فعل الشر والمعصية ، أنقص نفسه عن مرتبة الكمال ، وأخفاها بالذنوب والمعاصي ، وهي ضد التزكية.
التفسير والبيان :
أقسم الله تعالى في مطلع هذه السورة بسبعة أشياء ، فقال :
١ ـ ٢ ـ (وَالشَّمْسِ وَضُحاها ، وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) أي أقسم بالشمس المضيئة نفسها ، سواء غابت أم طلعت ؛ لأنها شيء عظيم أبدعها الله ، وأقسم بضوئها وضحاها وهو وقت ارتفاع الشمس بعد طلوعها إذا تم ضوؤها ؛ لأنه مبعث حياة الأحياء.
وأقسم بالقمر المنير إذا تبع الشمس في الطلوع بعد غروبها ، وبخاصة في الليالي البيض : وهي الليالي الثالثة عشرة إلى السادسة عشرة وقت امتلائه وصيرورته بدرا بعد غروب الشمس إلى الفجر. وهذا قسم بالضوء وقت الليل كله.
٣ ـ ٤ ـ (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها ، وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) أي وأقسم بالنهار إذا جلّى الشمس وكشفها وأظهر تمامها ، ففي اكتمال النهار كمال وضوح الشمس ، وأقسم بالليل إذا يغشى الشمس ويغطي ضوءها بظلمته ، فيزيل الضوء وتغيب الشمس ، وتظلم الدنيا في نصف الكرة الأرضية ، ثم تطلع في النصف الآخر.
وفي هذا التبدل والتغير رد على المشركين الذين يؤلهون الكواكب ، والثنوية الذين يقولون بأن للعالم إلهين اثنين : النور والظلمة ؛ لأن الإله لا يغيب ولا يتبدل حاله.