والآخرة ، ولا يزيد في ملكه اهتداء الناس ، ولا يضره ترك اهتداءهم بهداه ، ويعطي ما يشاء لمن يشاء ، فتطلب سعادة الدارين منه.
ثم أنذر الناس جميعا بعذاب النار ، وأبان من يصلاها ويحترق بها ، ومن يبعد عنها ويسلّم من عذابها ، وقد أعذر من أنذر.
التفسير والبيان :
(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) أي علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلال ، والحلال من الحرام ، والحق من الباطل ، والخير من الشر ، من طريق الأنبياء وإنزال الكتب التي فيها تشريع الأحكام ، وتبيان العقائد والعبادات والأخلاق وأنظمة المعاملات.
(وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى) أي لنا كل ما في الآخرة ، وكل ما في الدنيا ، نتصرف به كيف نشاء ، فمن أراد شيئا من الدارين ، فليطلبه منا ، نهب ونعطي ما نشاء لمن نشاء ، ولا يضرنا ترك الاهتداء بهدانا ، ولا يزيد في ملكنا اهتداؤهم ، بل نفع ذلك وضره عائدان عليكم أيها الناس. ومن ملك الدنيا والآخرة وكان هو المتصرف فيهما ، كان هديه وشرعه هو الذي يجب اتباعه.
ثم حذر من سلوك طريق النار ، فقال :
(فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى ، لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) أي لقد خوفتكم نارا عظيمة شديدة تتوهج وتتلهب ، لا يدخلها ويذوق حرها إلا الكافر الذي كذب الحق الذي جاءت به الرسل ، وكذب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيما جاء به عن ربه ، وأعرض عن الإيمان بالله واتباع شرائعه وأحكامه ، وطاعة أوامره.
وأبان سبيل النجاة من النار ، فقال :
(وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ، الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى) أي وسيباعد عن النار