والرجلان وما احتملتاه. ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر ؛ إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه (١).
لكنه غفل عن هذه المقومات ، وأهمل هذه الميزات ، وأخذ يعمل بهواه وشهواته ، لذا قال تعالى :
(ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ) قيل : إلى النار التي هي أسفل الدرجات إن لم يطع الله ويتبع الرسل ، والأولى أن يقال : رددناه إلى أرذل العمر ، وهو الهرم والضعف ، والخرف ونقص العقل ، بعد الشباب والقوة ، وجمال النطق ، وسلامة الفكر.
والقول الأول ، أي إلى النار بسبب كفر بعض الناس هو قول الحسن ومجاهد وأبي العالية وابن زيد وقتادة ، وعلى هذا يكون الاستثناء الآتي : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا ..) استثناء متصلا.
والقول الثاني ، أي إلى أرذل العمر هو قول ابن عباس وعكرمة والضحاك والنخعي ، وعلى هذا يكون الاستثناء التالي منقطعا. وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا ، بل في الجنس من يعتريه ذلك. واختار ذلك ابن جرير.
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ، فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي إلا الذين آمنوا بالله ورسله واليوم الآخر ، وعملوا صالح الأعمال من أداء الفرائض والطاعات ، فلهم ثواب على طاعاتهم دائم غير منقطع.
والمعنى كما أشرنا على التفسير الأول وكون الاستثناء متصلا : (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) بأن جمعوا بين الإيمان والعمل في حال الاستطاعة ، فلهم ثواب جزيل ، ينجون به من النار أسفل السافلين ، وهو الجنة دار المتقين.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٢٠ / ١١٤