معاقب مأخوذ ، والمخطئ (١) غير مؤاخذ. والمراد أن صاحب تلك الناصية كاذب خاطئ ، كما يقال : نهاره صائم ، وليله قائم ، أي هو صائم في نهاره ، قائم في ليله.
٤ ـ تحدى الله تعالى هذا الطاغية مع التهكم والتوبيخ بأن يطلب أهل مجلسه وعشيرته ، ليستنصر بهم ، فإنه إذا فعل أحضر الله الزبانية الملائكة الغلاظ الشداد لإلقائه في نار السعير.
٥ ـ بالغ الله تعالى في زجر هذا الكافر عن كبريائه ، ونفى قدرته على تحقيق تهديده ، وحقّره وأبان صغر شأنه وعجز نفسه ، فليس الأمر كما يظنه أبو جهل ، ولا تطعه يا محمد فيما دعاك إليه من ترك الصلاة ، وصل لله ، وتقرب إلى جنابه بالطاعة والتعبد.
وإنما عبّر عن الصلاة لله بقوله (وَاسْجُدْ) لما روى عطاء عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أقرب ما يكون العبد من ربه ، وأحبه إليه ، جبهته في الأرض ، ساجدا لله». وعند مسلم عن أبي هريرة : «أقرب ما يكون العبد من ربه ، وهو ساجد ، فأكثروا الدعاء».
وإنما كان ذلك ؛ لأن السجود على الأرض نهاية العبودية والذلة ، ولله غاية العزة ، وله العزة التي لا مقدار لها ، فكلما بعدت من صفته ، قربت من جنته ، ودنوت من جواره في داره.
جاء في الحديث الصحيح : أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «أما الركوع فعظموا فيه الرب. وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء ، فإنه قمن (٢) أن يستجاب لكم» (٣).
__________________
(١) الخاطئ : الآثم القاصد للذنب. والمخطئ : من أراد الصواب ، فصار إلى غيره.
(٢) قمن : خليق وجدير.
(٣) تفسير القرطبي : ٢٠ / ١٢٨