مُبارَكَةٍ) [الدخان ٤٤ / ٣] وهي في شهر رمضان ؛ لقول الله تعالى : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة ٢ / ١٨٥]. ثم أتممنا إنزاله بعد ذلك منجما في ثلاث وعشرين سنة بحسب الحاجة وما تقتضيه الوقائع والحوادث ، تبيانا للحكم الإلهي فيها. قال الزمخشري رحمهالله : عظّم الله القرآن من ثلاثة أوجه : أحدها ـ أن أسند إنزاله إليه ، وجعله مختصا به دون غيره ، والثاني ـ أنه جاء بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة والاستغناء عن التنبيه عليه ، والثالث ـ الرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه (١).
ثم ذكر الله تعالى فضائل تلك الليلة ، فقال :
١ ـ (وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ؟ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي وما أعلمك ما ليلة القدر؟ وهذا لتفخيم شأنها وتعظيم قدرها ، وبيان مدى شرفها ، وسميت بذلك ؛ لأن الله تعالى يقدر فيها ما شاء من أمره إلى السنة القابلة ، أو لعظيم قدرها وشرفها. قال الزمخشري: معنى ليلة القدر : ليلة تقدير الأمور وقضائها ، من قوله تعالى : (فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) [الدخان ٤٤ / ٤].
وقدرها أيضا : أن العمل فيها ، وهي ليلة واحدة ، خير من العمل في ألف شهر.
أخرج الإمام أحمد والنسائي عن أبي هريرة رضياللهعنه قال : لما حضر رمضان قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قد جاءكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، افترض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنة ، وتغلق فيه أبواب الجحيم ، وتغل فيه الشياطين ، في ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم».
__________________
(١) الكشاف : ٣ / ٣٥١