دين الله ، ومتابعة الرسول الذي جاءهم من عند الله ، مصدّقا لما معهم.
ونظير الآية : (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ، وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) [آل عمران ٣ / ١٠٥]. وقد أعذر من أنذر ، كما قال تعالى: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ ، وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) [الأنفال ٨ / ٤٢].
وجاء في الحديث المروي من طرق : «إن اليهود اختلفوا على إحدى وسبعين فرقة ، وإن النصارى اختلفوا على ثنتين وسبعين فرقة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة ، كلها في النار إلا واحدة ، قالوا : من هم يا رسول الله؟ قال : ما أنا عليه وأصحابي» (١).
ثم وبّخهم على انحرافهم عن الهدف الجوهري من الدين وهو إخلاص العبادة لله ، فقال :
(وَما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ ، وَيُؤْتُوا الزَّكاةَ ، وَذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) أي إنهم تفرقوا واختلفوا ، مع أنهم لم يؤمروا في التوراة والإنجيل أو في القرآن الذي جاءهم من عند الله إلا بعبادة الله وحده ، وتكون عبادتهم خالصة لا يشركون به شيئا ، ويخلصون العبادة لله عزوجل ، مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام ، ويفعلون الصلوات على الوجه الذي يريده الله في أوقاتها ، ويعطون الزكاة لمستحقيها عن طيب نفس عند حلول وقتها. وهذا الذي أمروا به يقتضي الاتحاد والاتفاق ، لا الشقاق والافتراق ، ولم يجيء محمد صلىاللهعليهوسلم إلا بمثل ما أمر به الرسل من ذلك ، ومنهجه اتباع ملة إبراهيم عليهالسلام الذي مال عن وثنية أهل زمانه إلى التوحيد وإخلاص العبادة لله كما قال : (ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [النحل ١٦ / ١٢٣].
وذلك الدين : وهو إخلاص العبادة ، وترك كل ما يعبد من دونه ، وأداء
__________________
(١) تفسير ابن كثير : ٤ / ٥٣٧