وثالثها ـ ثم تصير كالعهن المنفوش ، وهي أجزاء كالذر الداخل من النافذة.
ورابعها ـ تصير سرابا ، كما قال : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ ، فَكانَتْ سَراباً) [النبأ ٧٨ / ٢٠] (١).
٣ ـ يقسم الناس يوم القيامة إلى قسمين بحسب ثقل موازين أعمالهم وخفتها ، فأما من رجحت حسناته على سيئاته فهو في الجنة في عيشة مرضية ، وأما من رجحت سيئاته على حسناته فهو في نار حامية شديدة الحرارة. وقوله : (نارٌ حامِيَةٌ) إشارة إلى أن سائر النيران بالنسبة إلى نار الآخرة غير حامية. وهذا القدر كاف في التنبيه على قوة سخونتها.
والموازين جمع ميزان ، فيؤتى بحسنات المطيع في أحسن صورة ، فإذا رجح ، فله الجنة ، ويؤتى بسيئات الكافر في أقبح صورة ، فيخف وزنه ، فيدخل النار. وقال المتكلمون : إن نفس الحسنات والسيئات لا يصح وزنهما ، بل المراد أن الصحف المكتوب فيها الحسنات والسيئات توزن ، أو يجعل النور علامة الحسنات ، والظلمة علامة السيئات.
قال أبو بكر رضياللهعنه : إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه باتباعهم الحق في الدنيا وثقله عليهم ، وحقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وحق لميزان يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا.
وقال مقاتل : إنما كان كذلك ؛ لأن الحق ثقيل ، والباطل خفيف (٢).
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٢ / ٧٢
(٢) تفسير الرازي : ٣٢ / ٧٣