(بِالْحَقِ) وهو الشيء الثابت الذي لا يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل ، أو هو ما أرشد إليه دليل قاطع ، أو عيان ومشاهدة ، أو شرع صحيح جاء به نبي معصوم.
والتواصي بالحق : أن يوصي الناس بعضهم بعضا بما لا مجال لإنكاره من إيمان وخير وفضيلة. (بِالصَّبْرِ) قوة في النفس تدعو إلى احتمال المشقة في العمل. والتواصي بالصبر : أن يوصي الناس بعضهم بعضا به ، ويحث الواحد غيره عليه.
وقد اكتفى سبحانه ببيان سبب الربح دون الخسران لأنه المقصود ، وما عداه يؤدي إلى الخسران والنقص.
التفسير والبيان :
(وَالْعَصْرِ ، إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ) أي قسما بالعصر وهو الدهر أو الزمان الذي يمر به الناس ؛ لما فيه من العبر وتقلبات الليل والنهار ، وتعاقب الظلام والضياء ، وتبدل الأحداث والدول ، والأحوال والمصالح ، مما يدل على وجود الصانع عزوجل وعلى توحيده وكمال قدرته ، أقسم بذلك على أن الإنسان في خسارة وهلاك ونقص وضلال عن الحق ، في المتاجر والمساعي ، وصرف الأعمال في أعمال الدنيا ، إلا من استثناهم الله فيما يأتي. وإقسام الله بالدهر دليل على شرفه وأهميته ، لذا قال صلىاللهعليهوسلم فيما أخرجه مسلم عن أبي هريرة : «لا تسبّوا الدهر ، فإن الله هو الدهر». والآية كما ذكر الرازي كالتنبيه على أن الأصل في الإنسان أن يكون في الخسران والخيبة.
وقيل : المراد بالعصر : صلاة العصر ، أو وقتها تعظيما لها ، ولشرفها وفضلها ، ولهذا فسّر بها الصلاة الوسطى عند كثير من العلماء. وفيه إشارة إلى أن عمر الدنيا الباقي هو ما بين العصر إلى المغرب ، فعلى الإنسان أن يشتغل بتجارة لا خسران فيها ، فإن الوقت قد ضاق ، وقد لا يمكن تدارك ما فات.
والمراد بالإنسان : الجنس ، واللام لام الجنس وهو الراجح. وقيل : اللام في الإنسان لمعهود معين ، كما روي عن ابن عباس أنه أراد جماعة من المشركين