فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ أوضحت السورة نوع عذاب أبي لهب وزوجته أم جميل ، ومآلهما في الدارين ؛ لشدة عداوتهما لرسول الله صلىاللهعليهوسلم.
أما الآيات الأولى في أبي لهب فقد تضمنت الإخبار عن الغيب من ثلاثة أوجه :
أحدها ـ الإخبار عنه بالتباب والخسار ، وبوقوع ذلك فعلا.
وثانيها ـ الإخبار عنه بعدم الانتفاع بماله وولده ، وبوقوع ذلك فعلا.
وثالثها ـ الإخبار عنه بأنه من أهل النار ، وقد كان كذلك ؛ لأنه مات على الكفر.
وتكليف أبي لهب بالإيمان في حد ذاته لا مانع منه ، وإن كان الله قد علم أنه لا يؤمن ، وأخبر أيضا أنه لا يؤمن وأنه من أهل النار ، قال الآمدي : أجمع الكل على جواز التكليف بما علم الله أنه لا يكون عقلا ، وعلى وقوعه شرعا ، كالتكليف بالإيمان لمن علم الله أنه لا يؤمن كأبي جهل (١). وأيد ذلك الرازي في تفسيره (٢). والخلاصة : أنه كلف بتصديق الرسول صلىاللهعليهوسلم فقط ، لا تصديقه وعدم تصديقه ، حتى يجتمع النقيضان (٣).
وأما الآيتان الأخيرتان : فتصفان عذاب أم جميل بأنها مع زوجها تصلى نار جهنم وتذوق حرها وتتلظى بلهبها ، وأنها هالكة في الدنيا ، ومعذبة في الآخرة بحبل من نار ، وسلاسل من نار جهنم تطوقها ، لإيذائها النبي صلىاللهعليهوسلم ، فإنها كانت في غاية العداوة له ، ولإفسادها بين الناس بالنميمة وتأجيج نار العداوة بينهم.
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي : ١ / ٧٣
(٢) تفسير الرازي : ٣٢ / ١٧١
(٣) غرائب القرآن : ٣٠ / ٢١٤.