التفسير والبيان :
(قُلْ : هُوَ اللهُ أَحَدٌ) أي قل أيها الرسول لمن سألك عن صفة ربك ونسبته : هو الله أحد ، أي واحد في ذاته وصفاته ، لا شريك له ، ولا نظير ولا عديل. وهذا وصف بالوحدانية ونفي الشركاء. والمعنى : هو الله الذي تعرفونه وتقرّون بأنه خالق السموات والأرض وخالقكم ، وهو واحد متوحد بالألوهية ، لا يشارك فيها. وهذا نفي لتعدد الذات.
(اللهُ الصَّمَدُ) أي الذي يصمد إليه في الحاجات ، أي يقصد ، فهو المقصود في جميع الحاجات ؛ لأنه القادر على تحقيقها ، والمعنى : هو الله الذي يقصد إليه كل مخلوق ، لا يستغني عنه أحد ، وهو الغني عنهم. وهذا إبطال لاعتقاد مشركي العرب وأمثالهم بوجود الوسائط والشفعاء.
قال ابن عباس في تفسير الصمد : يعني الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم ، وهو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه ، والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد ، وهو الله سبحانه ، هذه صفته ، لا تنبغي إلا له ، ليس له كفء ، وليس كمثله شيء ، سبحان الله الواحد القهار.
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) أي لم يصدر عنه ولد ، ولم يصدر هو عن شيء ؛ لأنه لا يجانسه شيء ، ولأنه قديم غير محدث ، لا أول لوجوده ، وليس بجسم وهذا نفي للشبه والمجانسة ، ووصف بالقدم والأولية ، ونفي الحدوث.
وفي الجملة الأولى نفي لوجود الولد لله ، ورد على المشركين الذين زعموا أن الملائكة بنات الله ، وعلى اليهود القائلين : عزير ابن الله ، وعلى النصارى الذين قالوا : المسيح ابن الله ، وفي الجملة الثانية نفي لوجود الوالد ، وسبق العدم.