وأوضحت أن الله غني بذاته كريم رحيم ، تحتاج إليه جميع الخلائق في قضاء الحوائج ، متصف بجميع صفات الكمال ، ونعوت الجلال ، ونفت عنه كل أنواع الاحتياج إلى الآخرين بقوله : (اللهُ الصَّمَدُ).
وقررت أن الله أحد فرد ، ليس له شيء من جنسه ، ولم يلد أحدا ، وليس له لاحق يماثله ، ونفت عن نفسه المجانسة والمشابهة بقوله : (لَمْ يَلِدْ).
وكذلك هو قديم أولي أزلي غير مسبوق بالعدم ، فلا والد له ، ولا سابق له ، ونفت عنه الحدوث والأولية بقوله : (وَلَمْ يُولَدْ).
وهو سبحانه أيضا لا مقارن له في الوجود ، ولا شبيه له ولا نظير ولا صاحبة ولا نديد ، ونفى عن ذاته العلية الأنداد والأشباه بقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ).
وكل إثبات تقرير لعقيدة الإسلام القائمة على التوحيد والتنزيه والتقديس ، وكل نفي رد على أصحاب العقائد الباطلة كالثنوية القائلين بوجود إلهين اثنين للعالم وهما النور والظلمة ، والنصارى القائلين بالتثليث ، والصابئة القائلين بعبادة الأفلاك والنجوم ، واليهود الذين يقولون : عزير ابن الله ، والمشركين القائلين بأن الملائكة بنات الله.
فقوله : (أَحَدٌ) يبطل مذهب الثنوية ، وقوله : (اللهُ الصَّمَدُ) تبطل مذهب من أثبت خالقا سوى الله ؛ لأنه لو وجد خالق آخر ، لما كان الحق مصمودا إليه في طلب جميع الحاجات ، وقوله : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) يبطل مذهب اليهود في عزير ، والنصارى في المسيح ، والمشركين في أن الملائكة بنات الله. وقوله : (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) يبطل مذهب المشركين حيث جعلوا الأصنام أكفاء لله وشركاء.