وأخرج مالك في الموطأ عن عائشة : «أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان إذا اشتكى ، يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث ، فلما اشتد وجعه ، كنت أقرأ عليه ، وأمسح بيده عليه ، رجاء بركتهما».
وبعد أن عمم الاستعاذة من جميع المخلوقات ، خصص بالذكر ثلاثة أصناف تنبيها على أنها أعظم الشرور ، وأهم شيء يستعاذ منه ، وهي :
١ ـ (وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ) أي وأعوذ بالله من شرّ الليل إذا أقبل ؛ لأن في الليل مخاوف ومخاطر من سباع البهائم ، وهوام الأرض ، وأهل الشرّ والفسق والفساد.
٢ ـ (وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ) أي وأعوذ بالله من شرّ النفوس أو النساء الساحرات ؛ لأنهن كنّ ينفثن (أي ينفخن مع ريق الفم) في عقد الخيوط ، حين يسحرن بها. والنّفث : النفخ بريق ، وقيل : النفخ فقط. قال أبو عبيدة : إنهن بنات لبيد بن الأعصم اليهودي اللاتي سحرن النّبي صلىاللهعليهوسلم.
٣ ـ (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) أي وأعوذ بالله من شرّ كل حاسد إذا حسد : وهو الذي يتمنى زوال النعمة التي أنعم الله بها على المحسود.
فقه الحياة أو الأحكام :
١ ـ دلت السورة الكريمة على تعليم الناس كيفية الاستعاذة من كل شرّ في الدنيا والآخرة ، من شر الإنس والجن والشياطين وشرّ السباع والهوام وشرّ النار وشرّ الذنوب ، والهوى ، وشرّ العمل ، وغير ذلك من سائر المخلوقات ، حتى المستعيذ نفسه.
٢ ـ لا مانع يمنع من نزول السورة ليستعيذ بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، والحديث صحيح ، ولا يتنافى مع النص القرآني ، واقتصر فعل السحر بالنّبي صلىاللهعليهوسلم على مجرد