الساعة ، ولم يطلع أحدا عليها ؛ لأن الإنذار والتخويف إنما يتمان إذا لم يكن العلم بوقت قيام القيامة حاصلا ، فلا حاجة إلى الاستفهام عن وقتها بعد العلم باقترابها ، فإن هذا القدر من العلم يكفي في وجوب الاستعداد لها ، بل لا يتم الغرض من التكليف إلا بإخفاء وقتها كالموت.
٤ ـ حجب الله نبيه عن السؤال عن الساعة ، وأعلمه بأن علمها إلى الله وحده ، ووجّهه للعناية والقيام بمهمته الأصلية : وهي الإنذار والتخويف لمن يخشى مقام الله ؛ لأنهم المنتفعون به ، وإن كان منذرا لكل مكلف ، وهو كقوله تعالى : (إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ) [يس ٣٦ / ١١].
٥ ـ كل ما هو في حكم الواقع واقع حتما ، فكأن الكفار والمشركين الذين يتساءلون عن القيامة استهزاء وتهكما واقعون فيها ، قائمون في ساحاتها ، وهم حين يرونها وما فيها من أهوال تشيب لها الولدان ، يستقصرون مدة لبثهم في الدنيا ، ويقدّرون أنها قدر عشية من ليل أو ضحى من نهار يتبع تلك العشية ، والمراد تقليل مدة الدنيا ، كما قال تعالى : (لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ) [الأحقاف ٤٦ / ٣٥].