وفي الآية تعظيم شأن القرآن ، فسواء قبله الكفرة أم لا ، فلا يؤبه بهم ، ولا يلتفت إليهم.
ثم وصف تلك التذكرة بأمرين :
١ ـ (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) أي إن هذه تذكرة بيّنة ظاهرة ، مقدور على فهمها والاتعاظ بها والعمل بموجبها ، فمن رغب فيها اتعظ بها ، وحفظها ، وعمل بموجبها.
٢ ـ (فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ ، مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ ، بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ، كِرامٍ بَرَرَةٍ) أي إنها تذكرة مثبتة مودعة كائنة في صحف مكرمة عند الله ، لما فيها من العلم والحكمة ، ولنزولها من اللوح المحفوظ ، رفيعة القدر عند الله ، منزّهة لا يمسّها إلا المطهرون ، مصانة عن الشياطين والكفار ، لا ينالونها ، ومنزّهة عن النقص والضلالات ، محمولة بأيدي ملائكة سفرة وسائط يسفرون بالوحي بين الله ورسله لتبليغها للناس ، من السفارة : وهي السعي بين القوم.
وهم كرام على ربهم ، كرام عن المعاصي ، أتقياء مطيعون لربهم ، صادقون في إيمانهم ، أي إن الله تعالى وصف الملائكة بصفات ثلاث : هي كونهم سفراء ينزلون بالوحي بين الله وبين رسله ، وكرام على ربهم ، ومطيعون لله ، كما قال تعالى : (بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٢٦] وقال : (لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) [التحريم ٦٦ / ٦].
قال ابن جرير الطبري : والصحيح أن السفرة : الملائكة ، والسفرة يعني بين الله تعالى وبين خلقه ، ومنه يقال : السفير : الذي يسعى بين الناس في الصلح والخير.
أخرج الجماعة أحمد وأصحاب الكتب الستة عن عائشة رضياللهعنها