لله ، صادقون لله في أعمالهم ، كما قال تعالى : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ، فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ ، لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) [الواقعة ٥٦ / ٧٧ ـ ٧٩].
٣ ـ لعن الإنسان حيث كفر بالقرآن ، وما أظلمه حيث أنكر البعث والنشور ، فالله قادر على إعادته كما قدر على بدء خلقه ، فإنه خلقه من ماء يسير مهين ، ثم جعله يمر بأطوار بعد كونه نطفة ، إلى وقت إنشائه خلقا آخر ، وبأحوال من كونه ذكرا أو أنثى أو شقيا أو سعيدا ، حسنا أو دميما ، قصيرا أو طويلا ، فكيف يليق به التكبر والتجبر عن أوامر الله؟ ثم يسر له سلوك طريق الخير والشر ، أي بيّن له ذلك ، كما قال : (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) [الدهر ٧٦ / ٣] وقال : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد ٩٠ / ١٠].
ثم جعل له قبرا يوارى فيه إكراما له ، ولم يجعله مما يلقى على وجه الأرض تأكله الطير والسباع. وهذا دليل على أن الله سبحانه أمر بدفن الأموات الإنسية تكرمة لهم ، سواء أكانوا مؤمنين أم كفارا ، دون أن يطرحوا على وجه الأرض ، طعمة للسباع ، كسائر الحيوان.
ثم إذا شاء الله أنشره ، أي أحياه بعد موته.
وكل هذه الانتقالات دلالات واضحة على أنه سبحانه إذا شاء أن ينشر الإنسان ببعثه من قبره أنشره. وهذه الانتقالات أو المراتب ثلاث : الأولى ـ بداية خلقه من ماء مهين ، وهذا دليل على زيادة التقرير في التحقير ، والثانية المتوسطة ـ التمييز بين الخير والشر ، والثالثة الأخيرة ـ الإماتة والإقبار ، والإنشار ، أي الإحياء بعد البعث.
٤ ـ كل إنسان إلا القليل مقصر في حق الله ، فلا يقضي أحد ما أمر به ، من الإيمان والطاعة ، والتأمل في دلائل الله ، والتدبر في عجائب خلق الله وبينات حكمته.