وتتناثر ، فتزول معالم الجمال ، وتقلع الجبال من الأرض وتسير في الهواء ، فتكون كثيبا مهيلا ، أي رملا سائلا ، وتصبح كالعهن ، وتكون هباء منثورا ، وسرابا لا حقيقة ولا وجود له ، كالسراب الذي ليس بشيء ، وتعود الأرض قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ، أي ارتفاعا ، فتزول المتعة بها في عين الرائي.
وتهمل النوق الحوامل التي في بطونها أولادها ، بعد العناية بها ؛ لأنها أعز ما تكون على العرب ، وهذا على وجه المثل ؛ لأن في القيامة لا تكون ناقة عشراء ، ولكن أراد به المثل ، أن هول يوم القيامة لو كان للرجل ناقة عشراء لعطلها واشتغل بنفسه.
وتحشر الوحوش ، أي تجمع حتى يقتص لبعضها من بعض ، فيقتصّ للجمّاء من القرناء ، ثم يقال لها : كوني ترابا ، وهذا هو المعنى الأصح ، وقيل : حشرها : موتها وهلاكها ، وعلى كل حال ، تتعاظم المخاوف من رؤية ما يحدث.
وتسجّر البحار ، أي توقد إيقادا شديدا ، وتصير البحار والأرض كلها بساطا واحدا ، بأن يملأ مكان البحار بتراب الجبال ، فتزول صورة جمال البحر في مشهد الطبيعة.
ويحدث البعث ، فتقرن الأرواح بالأجساد ، وتسأل البنت المدفونة حية عن سبب وأدها وقتلها ، لتوبيخ الفاعل ، ولومه على فعله مخافة الحاجة والإملاق (الفقر) أو السبي والاسترقاق ولإلحاق البنات بالملائكة ؛ لأنهم كانوا يقولون : الملائكة بنات الله ، وكل ذلك غير مقبول ، فإنها قتلت بغير ذنب ، وعقاب القاتل النار.
وتنشر صحائف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها ما فعل أهلها من خير وشرّ ، تطوى بالموت ، وتنشر في يوم القيامة ، فيقف كل إنسان على صحيفته ،