(يُنْظَرُونَ) : الإنظار : التأخير للعبد لينظر في أمره ، والفرق بينه وبين الإمهال أن الإمهال هو تأخيره لتسهيل ما يتكلفه من عمله.
* * *
مناسبة النزول
جاء في أسباب النزول ـ للواحدي ـ عن ابن عباس : أن رجلا من الأنصار ارتدّ فلحق بالمشركين ، فأنزل الله تعالى : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ) إلى قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) ، فبعث بها قومه إليه ، فلما قرئت إليه قال : والله ما كذبني قومي على رسول الله ، ولا كذب رسول الله على الله ، والله عزوجل أصدق الثلاثة. فرجع ثانيا ، فقبل منه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وتركه (١).
ونلاحظ في هذه الرواية نقطة مهمّة وهي قبول توبة المرتد ، وربما يرى البعض أنّ المرتد الملّي تقبل توبته ، ولعل الكثيرين في زمن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ومنهم هذا الشخص ـ كانوا من الكافرين الذين أسلموا بحيث لم يكن إسلامهم فطريا ليكون ارتدادهم عن فطرة ، ولكن الظاهر أن الآية مطلقة لكل مرتد ، مليّا كان أو فطريا ، لأن السياق يتحدث عن المبدأ العام وهو قبول التوبة إلى الله في كل مورد من موارد الكفر والتمرّد.
وقد ورد في الحديث عن الإمام جعفر الصادق عليهالسلام ـ كما في مجمع البيان ـ في سبب نزول هذه الآية ... أنها «نزلت في رجل من الأنصار يقال له حارث بن سويد بن الصامت ، وكان قتل المحذر بن زياد البلوي غدرا ، وهرب وارتد عن الإسلام ولحق بمكة ، ثم ندم ، فأرسل إلى قومه أن يسألوا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : هل لي من توبة؟ فسألوا ، فنزلت الآية إلى قوله : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا) فحملها إليه رجل من قومه ، فقال : إني لأعلم أنك لصدوق ، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) أسباب النزول ، ص : ٦٣.