عنها بأي ثمن. وما قيمة الذهب عند الله أمام تمردهم عليه ومحاربتهم له؟! (أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) جزاء كفرهم بالله وبرسالته (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) فلا قوّة لأحد أن ينصر أحدا ـ حتى نفسه ـ من الله الذي يملك الأمر كله ، (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار : ١٩].
* * *
الإيمان والكفر موقفان عمليّان
ومن هنا ، فإن الكفر أو الإيمان ـ في مفهوم الإسلام ـ ليسا شيئا يتحرّك في داخل النفس على أساس العقيدة الكامنة في الأعماق فحسب ، بل هما موقفان عمليّان في ما يتخذه الإنسان من مواقف ، وما يمارسه من أعمال. وفي ضوء ذلك يمكننا أن نفهم أنّ الكفر وازدياده اللذين تتحدث عنهما الآية ، لا يراد منهما المعنى الداخلي فقط ، بل يتحركان من موقع العقيدة والموقف ، وبذلك يتضح معنى زيادة الكفر ... أما عدم قبول توبتهم والحكم بضلالهم بشكل حاسم ، فالظاهر منها ـ والله العالم ـ التوبة التي لا تتمثل في موقف وقناعة ، بل تتمثل في المظهر الزائف الذي يحاول أن يغطي واقعه بالتوبة ليستطيع من خلال ذلك الدخول في صميم المجتمع الإسلامي ، فيلعب فيه ما شاء له اللعب بعد أن يحصل على ثقته بالتوبة. وتلك توبة لا يقبلها الله ، لأنها صورة توبة كجزء من خطة الكفر والضلال.
أمّا كيف نستوحي هذا المعنى من الآية ، فتوضيحه أن الله يتحدث عن هذا النموذج من الناس ، بأنهم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا ، مما يدل على أن حياتهم لا تسير في الاتجاه الجادّ على أساس مسئولية العقيدة والإيمان ، فهم يتحينون الفرص للانحراف ما امتدت لهم ولا يقفون في ذلك عند حدّ ، بل يتصاعد الكفر العملي عندهم ويتزايد حتى يتحوّل إلى ظاهرة خطرة في حياة المجتمع الذي يعيشونه فيه. فالموقف ـ لديهم ـ ليس طارئا ، بل هو كامن في