ولازم» ويجوز أن يكون من قولهم : أمتك الفصيل ما في ضرع الناقة : إذا مصّ مصّا شديدا حتى لا يبقى منه شيء ، ومكّ المشاش مكّا : إذا تمشش بفيه ، فسميت مكة بذلك لقلة مائها (١).
(مُبارَكاً) : البركة : الثبوت ، من قولهم : برك بروكا أو بركا إذا ثبت على حاله ، فالبركة ثبوت الخير بنموّه ، ومنه البركة شبه الحوض يمسك الماء لثبوته فيه ، ومنه قول الناس : تبارك الله لثبوته لم يزل ولا يزال وحده.
(كَفَرَ) : كفر في العمل لا في العقيدة ، لأنه ترك الحج رغم استطاعته واجتماع شروط الوجوب عنده ، فلم يقم بما فرضه الله عليه. قال صاحب المجمع : كفر ، يعني «جحد فرض الحج ولم يره واجبا ، عن ابن عباس والحسن» (٢) ، وعلى ضوء هذا فيكون كافرا حكما باعتبار إنكاره ضروريا من ضروريات الدين وهو وجوب الحج ، مما يستلزم تكذيب الرسول الموجب للكفر.
* * *
تحويل القبلة إلى الكعبة
ربما تكون هذه الآيات ردا على ما حاول أن يثيره اليهود على الإسلام والمسلمين من شبهات في تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، لأن بيت المقدس هو الذي أمر الناس بالتوجه إليه أوّلا لقدمه وعبادة الأنبياء فيه. فجاءت هذه الآيات لتذكرهم بأن هذا البيت هو (أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) لعبادة الله ، وليكون مصدر بركة وهدي للعالمين ، و (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ) الذي كان يتعبد فيه كدلالة على أقدميته ، لأن بيت المقدس كان من بناء سليمان عليهالسلام ، الذي هو متأخر بزمان كثير عن إبراهيم عليه السّلام. وقد جعله الله آمنا للناس (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) لا يجوز لأحد أن يعتدي عليه مهما كان وضعه. وقد تعبد الله
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٢ ، ص : ٧٩٧.
(٢) (م. ن) ، ج : ٢ ، ص : ٧٩٩.