وفي الدر المنثور عن علي بن أبي طالب عليهالسلام في قوله : (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) قال : كانت البيوت قبله ، ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة الله (١). ونستوحي من هذا الحديث أن الأنبياء السابقين مثل نوح ، لم يبنوا بيوتا للعبادة ، ولذا لم يشر القرآن في آياته إلى ذلك ، ولم ينقل ذلك بطريقة مفصلة في التاريخ ، وربما كان المراد بأنه أول بيت للعبادة ، المعنى الشمولّي الذي أراده الله للناس جميعا ، فهو البيت العالمي للعبادة ؛ أما البيوت التي كانت قبله ـ لو كانت هناك بيوت للعبادة قبله ـ فهي بيوت محلّية خاصة بالمجتمع الذي يعيش حولها ؛ والله العالم.
* * *
لماذا سميت مكة بكة؟
٢ ـ ورد عن الإمام الصادق عليهالسلام : إنّما سميت مكّة بكة لأن الناس يبكون فيها ، أي : يزدحمون. وعن الإمام محمد الباقر عليهالسلام إنّما سميت مكة بكة لأنه يبك بها الرجال والنساء والمرأة تصلي بين يديك وعن يمينك وعن يسارك وعن شمالك ومعك ، ولا بأس بذلك ؛ إنّما يكره في سائر البلدان (٢). وقد تقدمت بعض الوجوه حول الموضوع في معاني المفردات.
* * *
بيت الله ودوره في رسالة الحياة
٣ ـ إن الخصائص الأولى التي ذكرها الله لهذا البيت ـ الكعبة توحي بمعنى
__________________
(١) السيوطي ، أبو عبد الرحمن جلال الدّين ، الدر المنثور في التفسير بالمأثور ، دار الفكر ، بيروت ـ لبنان ، ١٤١٤ ه ـ ١٩٩٣ م ، ج : ٢ ، ص : ٢٦٥.
(٢) البحار ، م : ٢٩ ، ج : ٨٠ ، باب : ٢٩ ، ص : ١٩٧ ، رواية : ٢.