السياسة للمسجد وتسييس الدين ، زعما منهم بأن الدين لا يلتقي بالسياسة التي لا دخل لها بالدين ، مع أن الله سبحانه يصرح في أكثر من آية ، بأن الله أنزل كتبه وأرسل رسله من أجل أن يقوم الناس بالقسط.
* * *
استيحاء كلمة «مباركا»
وقد نستوحي من كلمة (مُبارَكاً) المعنى الممتد في حياة الناس الذين يقصدون هذا البيت من سائر أنحاء العالم ، ليجتمعوا حوله على أساس كلمة التوحيد التي توحدهم ، والرسالة التي تجمعهم ، والقضايا الحيوية التي تتحرك في واقعهم الخاص والعام ، لا سيما القضايا المتصلة بالمصير السياسي والثقافي والاقتصادي والأمني والاجتماعي أمام التحديات الكبرى التي يواجهونها من قبل الكفر والاستكبار العالميين ، ليتعارفوا في ما بينهم وليتبادلوا المعلومات ، وليستلهموا التجارب ، وليخططوا للوحدة في الموقف ، من حيث إحساسهم بوحدة أمتهم في خطها العقيدي والعملي ، وفي مصيرها الواحد ، وليتحاوروا في ما اختلفوا فيه من تفاصيل العقيدة والشريعة والمنهج ، والأمور المتصلة بالواقع السياسي والأمني والاقتصادي في علاقاتهم ببعضهم البعض وبالآخرين ، وليحركوا أوضاعهم الاقتصادية على أساس خطة سليمة تحقق لهم الإنتاج مما يحتاجونه في حياتهم العامة ، بحيث يصلون إلى مستوى الاكتفاء الذاتي ليكونوا في موقع الاستقلال في إدارة أمورهم ، وهكذا يتحول الحج إلى مؤتمر إسلامي عالمي يحقق البركة للإسلام في فكره وحركته ، وللمسلمين في وجودهم وامتدادهم وأوضاعهم العامة والخاصة ، وهذا ما نستوحيه من الكلمة المعبّرة (مُبارَكاً).
ولكن الأوضاع المعقدة التي طرأت على الواقع الإسلامي السياسي ، جعلت مواقع المسلمين تحت سيطرة الكافرين المستكبرين ، وجمدت كل حيوية مفاهيمهم في دينهم وحركتهم ، فأصبحت مجرد صور جامدة في الفكر ،