وطقوس ميتة في الواقع وأبعدت الحج عن امتداده الحضاري الحركي في حياة المسلمين ، فلا فرصة لأي اجتماع عام للبحث في القضايا الحيوية المصيرية المتصلة بحياة الناس وللتخطيط للمستقبل في اتجاه حل مشاكل الحاضر بالطريقة الحكيمة ، وذلك تحت شعار أن الحج عبادة لا سياسة ، تماما كما لو كان معنى السياسة معنى بعيدا عن معنى العبادة التي أراد الله لها في الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر ، بالمعنى العام للكلمتين الذي يتسع لكل مواقع الانحراف في حياة الإنسان ، وفي الصوم الذي أراده الله أن يكون سبيلا من سبل تحقيق التقوى الروحية والأخلاقية والسياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية ، وفي الحج الذي أراده الله للناس ليشهدوا منافع لهم في كل الأمور التي تتصل بالنفع العام لحياتهم المنفتحة على كل خير وكل جديد ، ولا يتحقق ذلك إلّا بالسياسة المنفتحة على أمور الناس بالحق.
* * *
بيت الله هدى للعالمين
وقد جعله (وَهُدىً لِلْعالَمِينَ) من خلال ما يهدي إليه من سعادة الدنيا والآخرة ، مما يوحي بأن مهمّة المساجد للقائمين عليها هي هداية الناس بالممارسة من خلال عبادة الله فيها ، وبالتوجيه من خلال توجيه الناس وتعليمهم وتثقيفهم بأمور دينهم في كل ما يتصل بحياتهم ، لينطلق المسلمون من المساجد إلى حياتهم من خلال الانفتاح على كل المعاني الكبيرة التي يستهدفها الإسلام للحياة ، وليحمل كل واحد منهم المعرفة الشاملة لشريعة الله في كل أحكامها المتصلة بالحياة الخاصّة والعامّة ، لتكون الشريعة ومفاهيم الإسلام المنبثقة عنها في كل فكر وعلى كل لسان ، فلا تبقى محتكرة على فئة معينة من الناس ، لنستطيع من خلال ذلك أن نجعل من كل مسلم إنسانا واعيا متحركا يعمل في حياته الخاصّة لإسلامه من موقع الوعي ، ويدعو إليه بطريقة واعية من قاعدة