الحركة. وفي ضوء ذلك ، نستطيع أن نؤكّد بأن القائمين على شؤون المساجد الذين يقتصرون فيها على إقامة الجماعة ، ولا يقومون بمهمة التوجيه والهداية ، ويحولونها إلى منطقة نفوذ يتوارثها الأبناء عن الآباء ، هم من المنحرفين عن رسالة المسجد التي هي الهدى للناس بحسب ما يتسع له المسجد من ذلك ، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا.
* * *
ما هي الآيات البيّنات؟
٤ ـ (فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ). لقد تحدثت الآية عن الآيات البيّنات ولم تفضلها ، ولم تذكر طبيعتها ، ولم يعرف أن التعقيب ب (مَقامُ إِبْراهِيمَ) هل هو ذكر نموذج منها باعتبار الأثر البارز الذي يؤكد انتساب البيت لإبراهيم ، لأنه كان يصلي فيه بدلالة وجود مقامه الذي لا يشك أحد فيه ، لأنه مما توارثه الأبناء عن الآباء ، فيكون التقدير : منها مقام إبراهيم ، أو يكون بدلا منها فيكون التقدير : فيه مقام إبراهيم ... ويرى بعض المفسرين أن الآيات هي مقام إبراهيم والأمن لمن دخله والحج لمن استطاع إليه سبيلا.
قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان : «ولا ريب في كون كل واحد من هذه الأمور آية بينة دالة بوقوعها على الله سبحانه ، مذكرة لمقامه ، إذ ليست الآية إلّا العلامة الدالّة على الشيء بوجه ، وأيّ علامة دالة عليه ـ تعالى ـ مذكرة لمقامه أعظم وأجلى في نظر أهل الدنيا من موقف إبراهيم ، ومن حرم آمن يأمن من دخله ، ومن مناسك وعبادات يأتي بها الألوف بعد الألوف من الناس تتكرر بتكرر السنين ، ولا تسخ بانتساخ الليالي والأيام؟! وأمّا كون كل آية أمرا خارقا للعادة ناقضا لسنّة الطبيعة فليس من الواجب ، ولا لفظ الآية بمفهومه يدل عليه ، ولا استعماله في القرآن ينحصر فيه. قال تعالى : (ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها) [البقرة : ١٠٦] الآية ؛