واستجابة ربه له بإغراق الكافرين بالطوفان ، من دون أن يكون لنوح أيّ دور عملي فيه.
فإذا انتقلنا إلى إبراهيم عليهالسلام فنجد قوله تعالى : (قالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ* قُلْنا يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ* وَأَرادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْناهُمُ الْأَخْسَرِينَ) [الأنبياء : ٦٨ ـ ٧٠] إنه اللطف الإلهي بنبيه إذ أرادوا إحراقه ، فأنجاه الله من النار فحوّلها إلى عنصر بارد. فإذا انتقلنا إلى الطلب الذي قدمه النبي إبراهيم عليهالسلام إلى ربّه أن يريه كيف يحيي الموتى وذلك قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [البقرة : ٢٦٠]. فإننا نرى أن دور إبراهيم في المسألة هو أن يأتي بالطيور ويذبحها ويقسمها إلى أجزاء ثم يدعوهن لتأتينه سعيا ، لنشاهد الصورة الواضحة في كيفية إحياء الله الموتى ، فإن الله هو الذي أحياها بطريقة مباشرة ولم يكن لإبراهيم دور في ذلك.
ونصل إلى موسى عليهالسلام الذي تمثلت المعجرة لديه أولا في مجلس فرعون الذي قال كما جاء به قوله تعالى : (قالَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِها إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ* فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ* وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذا هِيَ بَيْضاءُ لِلنَّاظِرِينَ) [الأعراف : ١٠٦ ـ ١٠٨] ثم في ذروة التحدي الذي واجهه في صراعه مع السحرة ، وذلك قوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ) [الأعراف : ١١٧]. ونحن لا نرى أي جهد لموسى في الموضوع ، فإنه كان يعيش دور المنفعل الذي يحولّ الله يده السمراء إلى بيضاء ، ويحوّل العصا التي يمسكها إلى ثعبان ، وكان خاضعا للخوف من تجربة السحرة ، وللحيرة في ما يمكن أن يقوموا به ردّا للتحدي ، لأنه كان ينتظر تدخل الله غير العادي في المسألة ، وذلك هو قوله تعالى : «(فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى * قُلْنا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى * وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى) [طه : ٦٧ ـ ٦٩].