النص القرآني ، بل ربما نجد الدليل على خلافها من خلال الآيات التي تدل على أن النبي لا يملك شيئا من ذلك كله ، وأن مهمّته الأولى والأخيرة هي الرسالة في حركتها في الإبلاغ والتبشير والإنذار وهداية الناس إلى سبل السّلام في الطريق إلى الله ، بل إن القرآن يؤكد وجود عناصر الضعف البشري في ذات الرسول ، ولكن في المستوى الذي لا ينافي العصمة ، فنقرأ في سورة الإسراء قوله تعالى : (وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً* أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً* أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولاً) [الإسراء : ٩٠ ـ ٩٣]. فنحن نلاحظ أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يتحدث عن رفضه للمعجزات الاقتراحية التي يوجهها الناس الكافرون للأنبياء كوسيلة للتحدي والتعجيز مما يرفضه الأنبياء ، لأن مهمة النبي ليست هي إشغال نفسه بتنفيذ هذه الطلبات التي لا معنى لها بعد إقامة الحجة عليهم من قبله ، بل تحدّث عن أن ذلك لا يدخل في مهمته الرسالية ، كما أنه لا يملك هذه القدرة باعتبار بشريته التي تختزن في داخلها الضعف البشري.
وإذا كان بعض الناس يتحدثون عن أن القائلين بالولاية التكوينية يؤكدون أن النبي لا يختزن في مضمون بشريته أية قدرة ذاتية ، بل إن الله هو الذي يمنحه ذلك ، فإننا نجيب أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما كان يتحدث عن الواقع الفعلي الذي تمثله طاقته في دوره ، فإن الله أعطاه الطاقة المرتبطة بحركية الرسالة في الناس ، ولم يعطه الطاقة ـ حتى بإذنه ـ لمثل هذه الطلبات الصعبة.
وقد نستوحي من هذه الآيات ومن غيرها أن المعجزة الوحيدة للنبي هي القرآن الكريم ، فلم يقم النبي بمعجزة أخرى كانشقاق القمر ، بحيث لو كانت منه لكانت أكثر استجابة للتحدي الذي واجهه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من قبل المشركين ، كما أنها أكثر صعوبة من هذه الاقتراحات. وقد تحدث المشركون عن هذه المسألة ـ وهي عدم قيام النبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بالمعجزة المماثلة لما قام به الأنبياء