حمّام فيه «بسم الله الرحمن الرحيم» ، فعظم ذلك عليه ، ورفع طرفه إلى السّماء وقال : سيّدي ، اسمك هنا ملقى. فرفعه ، وقلع عنه السّحاة الّتي هو فيها ، وأعطى عطّارا درهما ، فاشترى به غالية ، لم يكن معه سواه ، ولطّخ بها تلك السحاة ، وأدخله شقّ حائط. وانصرف إلى زجّاج كان يجالسه. فقال له الزّجّاج : والله يا أخي ، لقد رأيت لك في هذه اللّيلة رؤيا ما أقولها حتّى تحدّثني ما فعلت بينك وبين الله.
فذكر له شأن الورقة. فقال : رأيت كأن قائلا يقول لي في المنام : قل لبشر ترفع لنا اسما من الأرض إجلالا أن يداس ، لننوّهن باسمك في الدّنيا والآخرة (١).
وذكر أبو عبد الرحمن السّلميّ أنّ بشرا كان من أبناء الرؤساء والكتبة (٢). صحب الفضيل بن عياض. سألت الدّارقطنيّ عنه فقال : زاهد ، جبل ، ثقة ، ليس يروي إلّا حديثا صحيحا.
وعن بشر قال : لا أعلم أفضل من طلب الحديث ، والعلم لمن اتّقى الله وحسنت نيّته فيه. وأمّا أنا فأستغفر الله من كلّ خطوة خطوت فيه (٣).
وقال جعفر البردانيّ : سمعت بشر بن الحارث يقول : إنّ عوج بن عنق كان يأتي البحر ، فيخوضه برجله ، ويحتطب السّاج. وكان أوّل من دلّ على السّاج وجلبه. وكان يأخذ من البحر حوتا بيده ، فيشويه في عين الشمس (٤).
وقيل لقي بشرا رجل ، فجعل يقبّل بشرا ويقول : يا سيّدي أبا نصر. فلمّا ذهب تغرغرت عينا بشر وقال : رجل أحبّ رجلا على خير توهّمه ، لعلّ المحبّ قد نجا ، والمحبوب لا يدري ما حاله (٥).
__________________
(١) حلية الأولياء ٨ / ٣٣٦ ، الرسالة القشيرية ١١ ، تهذيب تاريخ دمشق ٣ / ٢٣٢ و ٢٣٣ ، صفة الصفوة ٢ / ٣٢٥ ، وفيات الأعيان ١ / ٢٧٥ ، طبقات الأولياء ١١٠.
(٢) وفيات الأعيان ١ / ٢٧٥.
(٣) تهذيب تاريخ دمشق ٣ / ٢٣٤ ، وقد تقدّم هذا القول.
(٤) الخبر بتمامه في حلية الأولياء ٨ / ٣٥١ ، وهو من الإسرائيليات المردود عليها.
(٥) تهذيب تاريخ دمشق ٣ / ٢٣٩ ، صفة الصفوة ٢ / ٣٢٧ ، طبقات الأولياء لابن الملقّن ١١٣ ، الكواكب الدرّية ١ / ٢٩.